بغداد / المدى خرج الزوج ولم يعد! أخرمن شاهده أكد أنه رآه ينزل من سيارته ممسكا بتليفونه (الموبايل) يتحدث بعصبية ثم ينهار باكيا ... وحينما اقترب منه يسأله عما أصابه ، لم يردّ ، وظلت دموعه تنهمر بينما كان يغلق سيارته ويشير إلى سيارة أجرة استقلها بسرعة وانطلقت به بعيدا !..
الشرطة تلقت إخبارا من زوجته باختفاء زوجها الموظف بإحدى الشركات الأهلية ، وبأقوال زميله الذي شاهده لأخر مرة ، وقد اهتمت الشرطة بالإخبار وعممت برقية بأوصافه وصورته على كافة السيطرات والمراكز ولكن بلا جدوى حيث حير الشرطةَ لغزُ اختفاء السيد (ع) بينما ظلت سيارته في مكانها، اتصلوا به على رقم الموبايل لكن الخط كان خارج نطاق الخدمة، أصدقاؤه ومعارفه وأقربائه وجيرانه اجمعوا على أنهم لم يشاهدوه ولا يعرفون أين ذهب ، ولماذا اختفى، المعلومات التي جمعتها الشرطة عنه أكدت أن الرجل في غاية الاستقامة ، ليس له أعداء ولا خصوم ولا مشاكل مع احد ، لا يعاني من أية أمراض نفسية أو عصبية ، بل هو إنسان رقيق المشاعر ، مهذب الأخلاق ، محب للحياة ، وإن كانت مسحة حزن دفين لم تفارق عينيه أبدا منذ سنوات شبابه المبكر وحتى يوم اختفائه ، الذي كان بالصدفة هو يوم عيد ميلاده الخامس والخمسين !.. وأوشكت الشرطة أن تغلق الإخبار ، لكن زوجته كانت تصر على وجود جناية في الحادث ، وان وراء اختفاءه سرا كبيرا تخفيه مكالمة الموبايل الأخيرة وواقعة تركه سيارته بالكراج المجاور للشركة التي يعمل فيها والتي لم يدخل إليها ، واضطر إلى ركوب سيارة أجرة وهو ما لم يفعله قط طوال حياته ! الأمل الأخير الذي بقى أمام الشرطة هو مخاطبة شركة الموبايل لمعرفة عنوان أخر رقم اتصل بالسيد (ع) في التوقيت الذي حدده أخر شخص رآه وكانت المفاجأة ، وصلت الشرطة إلى عنوان صاحب أخر مكالمة معه ، وأرسلت بطلبه ، وعندما حضر أمامها أكد في أقواله انه فعلا اتصل بالسيد (ع) ليبلغه بان (ش) قد لفظت أخر أنفاسها في المستشفى وقال الرجل أيضا إن (ع) انهار فعلا وكان يبكي كالأطفال حتى أغلق الخط وانقطعت الحرارة ، ولا يدري أين هو على وجه التحديد ، سألت الشرطة زوجته عن السيدة (ش) التي كانت بطلة الخبر الحزين وأجابت الزوجة في دهشة : لا اعرف امرأة بهذا الاسم في حياتي أو في حياة زوجي رغم إنني زوجته من ثمانية عشر عاما، وسألت الشرطة صاحب المكالمة مرة أخرى عمن تكون (ش) ولماذا أبلغ السيد (ع) بوفاتها وجاءت المفاجأة الثانية قال الرجل : (ش) كانت أول واعنف حب في حياة (ع) وكنت صديقهما وجارهما لكن أهلها اجبروها على الزواج من رجل أخر ، عاشت معه على أمل أن يأتي الحب بعد الزواج أو أن ينسيها الزواج روعة الماضي الذي عاشته مع (ع) لكن زوجها كان عنيفا ، عصبيا ، صاحب نزوات رخيصة ، ظل يضربها ويهينها ويجرح كبريائها بغرامياته مع نساء من المستوى العادي ! ومع ذلك رفضت (ش) أن تخونه أو تترك أطفالها له أو تتمرد عليه وكانت سلوتها الوحيدة أن تتحدث مع السيد (ع) تليفونيا وتشكو إليه الجحيم الذي تعيشه ، وفي الأسابيع الأخيرة عرضت على (ع) أن تطلب الطلاق من زوجها وتتزوجه، لكن السيد (ع) أجابها بما لم تكن تتوقعه ، قال لها أنها ما زالت حبه الكبير والعنيف ، لكنه أصبح مقيد الجناحين بزوجته التي تحبه وأولاده الذين ملأوا حياته ، ولان الطائر المقيد لا يستطيع أن يحلق بعيدا ، لكن (ع) عرض عليها أن يتزوجها على أن تظل زوجته في عصمته وان يظل زواجهما سرا حتى لا يخرب بيته ويظلم زوجة لا ذنب لها في غرامه الأول وحبه الكبير، ويبدو أن (ش) أحست أنها لم تعد الملكة المتوجة في حياة (ع) ، أو أنها فهمت إجابته بمشاعر امرأة لا تريد أن تكون في حياة حبيبها الأول نصف زوجة ، لهذا طلبت منه أن يتركها تفكر بعض الوقت ويستطرد الشاهد قائلا : صباح اليوم التالي سمعت صراخا وضجيجا من دار (ش) التي تسكن إلى جواره ، فلما استطلع الأمر وعرف أنها فارقت الحياة وهي نائمة سارع بالاتصال بالسيد (ع) ليبلغه الخبر !... القصة كانت مفاجأة غير متوقعة لزوجة السيد (ع) التي واصفرّ وجهها وخف صوتها ، وانسحبت من المركز تاركة ضابط التحقيق يؤكد للضباط الأخرين أن السيد (ع) لابد من أنه انتحر وسوف تظهر جثته يوما من الأيام، مر عام كامل ولم تظهر جثته، وذات مساء طرق احد الأشخاص باب دار السيد (ع) وفتحت الزوجة الباب واخبرها هذا الشخص أن زوجها في مركز شرطة (أبو غريب) ويطلب جنسيته والبطاقة التموينية لإثبات شخصيته ، أسرعت الابنة الكبرى إلى (أبو غريب) في فرحة عارمة ، قدمت لمدير الشرطة كل ما يثبت شخصية أبيها ثم سألته عنه فكانت المفاجأة الثالثة : قال لها مدير الشرطة ، دوريات الشرطة الليلية في مقبرة الكرخ تلقت إخبارا من بعض سكان المقابر هناك عن وجود إنسان في حالة إعياء شديد ، ملابسه تمتلئ بالأتربة والأوساخ ، وجدته سيارة الدورية وهو يحتضر فتم نقله إلى المستشفى حيث أفاق بعد ساعات وأفصح فيها عن اسمه وعنوانه ورغبته في رؤية أولاده وزوجته، بكت الابنة الكبرى واهتزت بعنف ، ثم هرولت إلى المستشفى الموجود فيها والدها ، وهناك في الردهة ألقت الابنة بنفسها فوق صدر أبيها وامتزجت دموعهما ، لكنه طلب منها رؤية باقي أشقائها وزو
لغز الرجل المختفي فـي مقبرة الكرخ!!
نشر في: 25 نوفمبر, 2011: 07:06 م