TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > تحت المجهر: فرحنا .... نقتل .... ونبكي

تحت المجهر: فرحنا .... نقتل .... ونبكي

نشر في: 25 نوفمبر, 2011: 07:09 م

 د. معتز محي عبد الحميدعندما انتهت مباراة كرة القدم بين العراق والأردن بفوزنا ،بدأت العيارات النارية تملأ الأجواء بالضجيج وتثير الرعب بين الناس الآمنين، وعندما عدت إلى داري وجدت أحد جيراني قد أصيب بطلق ناري في رأسه وقتله في الحال وهو جالس في داره ليترك خلفه خمسة أطفال وزوجة  بلا معيل، وهذه الظاهرة تتكرر في كل مناطق بغداد والمحافظات ولكن بلا حل جذري لها من قبل وزارة الداخلية وأجهزة الشرطة.
ضحايا العيارات النارية الطائشة أرقام كبيرة تعرفها وزارة الصحة ومديرية الشرطة العامة والداخلية  تعرف الأعداد أيضا وما زلت أذكر ما كتبته في عدة زوايا أناشد فيها وزارة الداخلية حين كانت رزم الألعاب النارية تباع في المحلات للأطفال كذلك الإطلاقات النارية في الأسواق كما يباع  الخضار،عشرات المقالات كتبت في الصحف  وبيانات وخطب في الجوامع  والحسينيات ناشد فيها المعنيون وزارة الداخلية  لحقن الدم بعد ضحايا الأعيرة النارية التي تطلق في الأعراس والمناسبات الأخرى وآخر هذه الحوادث مقتل طفل كان يشاهد حفل زفاف لأحد أقاربه، فمن الذي يأخذ هذه الظاهرة موضع الجدية ويضعها في تشريع صارم نافذ باعتبار أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن وكيف نعالج هذه الظاهرة المستفحلة التي لا يفيد فيها كتابنا وكتابكم، وبغير الوعظ والإرشاد والتوجيه والتعليم والثقافة وكلها تأخذ وقتاً طويلاً لمعالجة الظاهرة واجتثاثها وهي الظاهرة التي يكاد  ينفرد بها العراقيون منذ أزمنة بعيدة .كيف يمكن الخروج من إطار المناشدة بعد سقوط كل شهيد ينضم إلى قافلة العبث إلى إجراء رادع يجعل المتصرف بالرصاص يحتسب دفع ثمن باهظ لا يحله شرب فنجان قهوة سادة وجاهة لا تكلفه ما يمكن أن يدفعه لمخالفات سير أو ثمن سيارة يجري شطبها في حادث..إلى متى نظل رهائن سلوك همجي طائش ندفع ثمنه من أبنائنا وبناتنا أو آبائنا وأمهاتنا حين يتسلل الرصاص عبر الشبابيك أو ساحات البيوت أو يتساقط من السماء في دورة عودته للأرض ليخترق الأجسام قبل أن يبرد.كيف يمكن معالجة الظاهرة من جذورها في مصادرة السلاح ومنع انتشاره والإجبار على ترخيصه وحصره ومتابعة استعماله وهو المشروع الذي بدأ قبل عدة سنوات وتوقف وتعطل بفعل ضغوط قوى اجتماعية وقد جرى إدارة الظهر لذلك المشروع الذي لم ينفذ وعادت حليمة لعادتها القديمة.كنت أعود من أحد الأحياء قبل أربعة أيام وأنا أسمع زخّات الرصاص تكاد تخرق سيارتي وأقسم أنني توقفت عن السياقة وانحنيت لأكثر من أربع دقائق لتتلاشى الأصوات، فالحي الذي كنت أمر منه لزيارة صديق مريض اشتعل وكأنه جبهة قتال  جرى إعلانها في يوم الخميس.أناشد وكيل وزير الداخلية  لشؤون الشرطة أن يضع قناعاته وتصوراته إلى جانب مقترحات  لإصدار أوامر قوية  منظمة لحياة آمنة وأن يأخذ أشد الإجراءات ريثما يتسنى للبرلمان أن يشرع القانون المناسب، وأن تتصدى دوريات النجدة والشرطة المحلية  لمواقع إطلاق الرصاص أياً كان نوعه ومصدره والقائمين عليه بغض النظر عن نفوذهم ومنزلتهم وطبيعة المناسبة، فالصغار لا يطلقون النار في المناسبات إلا إذا أطلق الكبار ، والأوامر يجب أن تشمل الكبار وأصحاب النفوذ والسيارات المظللة وغيرهم لأن أكثر إطلاق النار مصدره من هؤلاء المتنفذين وتجار السلاح . نحن نتطلع إلى إجراءات رادعة في المستقبل القريب لوقف هذه الظاهرة المدمرة ونتطلع إلى توفير أدوات قادرة ومخلصة لتطبيق القوانين والتعليمات التي سوف تتخذ.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram