عن : نيويورك تايمز في مقطورة المخيم الحكومي المليئة بالأتربة في ضواحي العاصمة بغداد، تضحك نورية خلف ثم تشعر بالإحراج و تغطي ابتسامتها بطرف عباءتها، تقول نعم أرغب في الزواج ثانية. مرت أربع سنوات منذ وفاة زوجي وأولادي بحاجة الى من يرعاهم .عدد الأرامل في هذا المخيم، بل و في كل ارجاء العراق، يفوق عدد الرجال . المشكلة هي ان الأرامل أنفسهن يقلن انهن لا يصلحن كزوجات.
تقول نورية و هي تتنهد " ربما يمكن للأرملة التي لديها طفل او اثنان ان تتزوج ثانية، اما الأرملة التي لديها اطفال كثر مثلي فلا تستطيع ذلك ".مشكلة الأرامل ليست جديدة في العراق، فالحرب مع إيران في ثمانينات القرن الماضي خلّفت عشرات الآلاف من الأرامل، كما زادت الكوارث اللاحقة من اعدادهن : فحرب عام 1991 مع الولايات المتحدة و الانتفاضة الشعبية التي تلت ذلك بالإضافة الى قمع الكرد، كلها تسببت في ارتفاع عدد الارامل في هذا البلد المبتلى. و قد ازداد عددهن بشكل كبير بعد الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003 و خلال سنوات العنف التي تلت ذلك .حسب تقدير وزارة التخطيط العراقية فان نسبة الأرامل تبلغ 9% من مجموع نساء العراق، اي حوالي 900 الف ارملة. اما وزارة المرأة فقد اصدرت بيانا في حزيران رفعت فيه العدد الى مليون ارملة . بينما ذكر تقرير للامم المتحدة بان عدد الارامل بلغ، في ذروة العنف الطائفي عام 2006 ، حوالي مئة ارملة في كل يوم. تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية بدفع معونات مالية لما يقارب 86 الف ارملة معظمهن فقدن ازواجهن في الحرب الاخيرة .هذا العدد يتناسب مع تخمينات اعداد الوفيات من جراء الحرب و البالغة 103 الى 113 ألف عراقي ، حسب احصاءات القتلى في العراق. هذا العدد يشمل الجنود العراقيين البالغ عددهم عشرة آلاف و الذين قتلوا في بداية الاجتياح الأميركي بالاضافة الى عشرة آلاف و 125 من افراد الشرطة الذين قتلوا فيما بعد خلال محاربة المسلحين اضافة الى ضحايا العنف الطائفي . في واحدة من حكايات الحرب الأخيرة وقعت في الاسبوع الماضي، قالت الشرطة العراقية ان القوات الاميركية قد اطلقت النار و قتلت اثنين من المدنيين بعد انفجار عبوة عند مرور عجلات اميركية، الا ان الجيش الاميركي نفى اطلاقه النار على المدنيين . الحكومة العراقية ، و هي تواجه هذا العدد الكبير من الارامل ، لا تقدم الا القليل من المساعدة المالية التي تعادل 80 دولارا شهريا للأرامل اللواتي فقدن ازواجهن في الصراع الأخير . تقول الارملة نورية التي فقدت زوجها عام 2007 " توقعنا ان نحصل على الكثير من المساعدة من الاميركان و الحكومة العراقية ، لكن في الحقيقة لا احد يهتم بنا ". هذا المخيم يمثل تحديا اجتماعيا لا يمكن معالجته بسهولة ، اذ ان التفاوت بين اعداد النساء و الرجال يجعل من المستبعد ان تتزوج اغلب الارامل مرة اخرى .احد المشاريع التي يمولها الاميركان تسعى الى اكتفاء الارامل اقتصاديا . حيث يقدم برنامج الوكالة الاميركية للتطوير الدولي منحة بسيطة لكل ارملة تعيل عائلتها. و يمكن استخدام هذه المنحة في فتح اعمال صغيرة مثل صالونات التجميل او المطاعم البسيطة. و يقول المشرفون على البرنامج ان الكثير من الارامل اللواتي استلمن المنحة قد تحسنت احوالهن المعيشية . و اشار البرنامج الى الامراض المتفشية بين الارامل، حيث شهد قسم منهن مقتل ازواجهن، مثل صعوبة التركيز و خدر و خفقان القلب. لكن بعد ان بدأن بالعمل لوحظ ان هناك تحسنا في حالتهن الصحية . احيانا تصبح ارامل الحرب رموزا لمعارضة الوجود العسكري الاميركي في العراق. عندما قام احد الصحفيين العراقيين برمي حذائه على الرئيس جورج دبليو بوش عام 2008 ، صرخ بانه يفعل ذلك نيابة عن ارامل و ايتام الحرب . قام السياسيون بتوظيف الارامل من اجل ان يفوزوا في السباقات السياسية، الا ان نصف الارامل اللواتي تمت مقابلتهن في المخيم ذكرن رغبتهن بالزواج مرة اخرى ، بينما قالت رجاء هاشم -32 سنة- بأنها ستتفرغ لأولادها الثلاثة " لا احتاج الى رجل ، فلدي ثلاثة رجال". ترجمة عبدالخالق علي
تزايد عدد الأرامل.. والسياسيون يستغلونهنَّ لأغراض انتخابية

نشر في: 25 نوفمبر, 2011: 08:49 م









