بغداد/ نورا خالد ومحمود النمر تصوير/ ادهم يوسف استذكر (بيت المدى) في شارع المتنبي الأديب والمؤرخ الراحل محمود العبطة الذي ترك الكثير من الآثار الأدبية ما بين الشعر والبحث والتاريخ والفلكلور الشعبي، وقدم الفعالية الإعلامي والباحث رفعة عبد الرزاق الذي بدأ كلامه مرحبا بالحضور الذي غصّت به القاعة، وأضاف:
ولد محمود العبطة في بغداد عام 1922 في محلة الست نفيسة إحدى محلات الكرخ ببغداد، وأسرته نزحت من شمال بغداد واستقرت في هذه المحلة، ويبدو أن (عبطة) وهي أم جاسم العبطة جدة الأستاذ محمود كانت لها شخصية قوية في أسرتها ومحلتها، فأطلق الناس اسمها على الأسرة. وقد اشتهر أبوه إبراهيم جاسم العبطة بمهارته في البناء، وكان من أشهر أسطوات بغداد ومعمارييها، ولم تزل بعض آثاره قائمة كدور الظاهر في شارع حيفا ودور المميز في الصرافية (نقابة الصحفيين) وجامعي حنان والشيخ صندل ببغداد، ومن أولاده محمود العبطة ومحمد العبطة وزير العدل عام 1966ترك العبطة العديد من الكتب المهمة في بابها على الرغم من صغرها، واغلبها قد طبعت على حسابه الخاص، وكان حريصا على توزيعها على أصدقائه بلا مقابل. وقبل وفاته بأيام قليلة كان قد وضع اللمسات الأخيرة على الحلقة الرابعة من مجموعته (القافلة) التي نشرها قبل سنوات، واعد كتابا عن الشيخ خالد النقشبندي وآثاره في بغداد. عبدالحميد الرشودي: رجل لا يتكرركان أول المتحدثين المؤرخ والباحث عبد الحميد الرشودي الذي تحدث عن ذكرياته مع صديقه الراحل قائلا: تعود صلتي بالراحل الكبير إلى عام 1949 وكنت قد سمعت به قبل هذا التاريخ وقرأت ما كتبه ولكن عندما دخلت إلى كلية الحقوق عام 1949 كان هو احد المنتسبين فيها وتحولت الزمالة التي ربطتني به في بادئ الأمر إلى صداقة، كان محمود دائم الحركة يألف ويؤلف وكان يعمل تحت شعار "ألاّ يبخس الناس أشياءهم" حتى عندما كان يجلس في أي مكان تحيط به هالة من الشباب والمعجبين، عندما تخرجنا من كلية الحقوق عام 1953 قال لي سأفتح مكتبا واطلب منك أن تشاركني به فقلت له: أنا غير مستعد، قال لا عليك فأنا استأجرت غرفة في شارع الأمير عبد الإله الذي يسمى الآن بشارع النصر، اضطررت إلى مشاركته بالمكتب بعد أن فاجأني بوضع لافتة تحمل اسمي إلى جانب لافتته، وفي يوم من الأيام جاء رجل ووكلني بدعوى طلاق فذهبنا إلى المحكمة الشرعية وقدمنا طلبا وأحيل الطلب إلى قاض آخر، وكانت العادة الجارية إن في أحوال الطلاق يحال الطلب إلى الباحثة الاجتماعية لإصلاح ذات البين وفاتحت الزوج بأن يعدل عن قراره إلا انه أبى إلا أن يتم الطلاق فلم يكن أمام القاضي إلا أن يحكم بالطلاق. وما أن وصلت إلى باحة المحكمة حتى لحقت بي المرأة وأغرقتني بوابل من الأدعية والكلمات التي تلومني بها على الطلاق، فما كان مني إلا أن تركتها وذهبت مسرعا، بعد هذه الحادثة لملمت أوراقي وعزمت على أن اترك هذه المهنة ولكن علاقتي بقيت وتعمقت مع محمود العبطة.وأضاف الرشودي: كان العبطة منتميا إلى الحزب الديمقراطي العراقي عن عقيدة راسخة كان ديمقراطيا حتى النخاع وكان معجبا بكامل الجادرجي ومن فرط حبه له أهدى له كتاب "القافلة" بجزئه الأول. كان حديث العبطة حديث شوق ومودة ومحبة، فهو رجل لا يكرر كان هاويا للأدب ولكنه ظل حائرا بينه وبين المحاماة ولكنه في الأخير غلب الأدب على المحاماة.باسم عبدالحميد: علاقتي به علاقة ثقافة أكثـر من القرابةبعدها تحدث الباحث والناقد باسم عبد الحميد حمودي عن علاقته بقريبه الراحل قائلا: هو ابن عمتي الكبيرة ولكن علاقتي به علاقة ثقافة أكثر مما هي علاقة قرابة، أتذكر انه كان يستعير الكتب من مكتبة والدي الذي هو خاله وكنت ادرس معه في هذه المكتبة واتعلم، يعتبر محمود العبطة (محمود الحاج ابراهيم جاسم العبطة) واحدا من الشخصيات الثقافية اللامعة منذ اربعينيات القرن العشرين فقد كان (آنذاك) من الشباب الذين نشطوا في متابعة الادب العراقي قصة وشعرا، وقد كتب الكثير من المقالات والدراسات عن الشخصيات الادبية العراقية مثل روفائيل بطي ومحمود فهمي المدرس وإبراهيم صالح شكر وغيرهم وعاصر التحولات الجديدة في الشعر وواكب تجارب السياب والبياتي والملائكة، ثم اتجه لتأليف الكتب الصغيرة المعنية بأدب أو أديب أو مبدع مثل كتابه عن (الملا عثمان الموصلي) وكتابه عن السياب وحركة التجديد في الشعر، وعن شاعرية عبد الحسين الازري إضافة إلى كتابيه المهمين في التراث الشعبي وهما (رجل الشارع في بغداد) الذي صدر عام 1962 مهتما بالدور الاجتماعي في صياغة الفكر والبناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي ومظهرا دور رجل الشارع في مسار الحركة السياسية العامة خصوصا أن المصادر الرسمية لا تكاد تعكس دور الشارع وتصف رجاله بالدهماء تارة ومن العامة تارة أخرى وهو يعرف رجل الشارع بأنه العامي الواعي الذي يحسن في موقفه حيث ينتمي الى هيئة او مؤسسة او منظمة او حركة، وكان الكتاب بفصوله رائدا في بابه وقد دعم كشوفاته فيه بكتاب (الفلكلور في بغداد) الذي اصدره عام 1963 حيث ارخ فيه للفلكلور وبدايات دراساته في العالم ليدرس في ثناياه جوانب من الفلكلور البغدادي وتفاصيله وأصنافه. توفي في الخامس عشر من تشرين الثاني 1986 بعد أن أع
محمود العبطة وذكريات رجل الشارع في بغداد
نشر في: 25 نوفمبر, 2011: 09:28 م