محمود النمر*ما الذي يشغلك الآن ؟منذ عام وليس الآن وأنا منهمك بالتحضير لمسلسل ، حتى أنني لم استطع لحد الآن أن أضع له اسما مناسبا ، لكنني وصلت إلى مرحلة متقدمة من الكتابة فيه ، هذا المسلسل يتحدث عن ثلاث مراحل مرت بالعراق ، المرحلة الصدامية أي بمعنى ما قبل الحرب ، ثم أثناء الحرب ، والثالثة بعد سنوات من الاحتلال ، هذه المراحل إذا جازت التسمية وسميتها - المراحل الثلاث - تتحدث عن معاناة شعب بأكمله ،عانى الأمرّين من هذه المراحل التي تحدثت عنها الآن ،الإنسان بطبعه ميال إلى السلام والمحبة والحب والفرح ،
وشخوصي تتوزع مابين- رسام وطبيب وتاجر وآخرين وزوجاتهم وهم يدخلون ضمن هذا المسار . هذه المجموعة أطلق عليها المثقفة الواعية التي تفتش عما كل هو جميل في العالم ليس في مجتمعنا فقط ،وهذه (الشلة ) عشقها الأوحد هو السيمفونيات من بتهوفن إلى رمسكوكار سوكوف إلى الايطاليين وحتى الأوبرات والسوناتات إلى آخره، فهم يعشقون هذا النوع من الموسيقى ،وبالتالي يذهبون في كل شهر وهذا قبل الحرب طبعا لحضور حفلات – السيمفونية الوطنية – ثم يعودون إلى أحد بيوت الأصدقاء ويسهرون ويتناقشون ويستمعون الموسيقى إلى آخره ،وعند بدء الحرب تتحول الأفراح الى مآس، وبغض النظر عن الموقف الفكري او السياسي الذي يحمله هؤلاء الأصدقاء ، لكن باليقين القطعي أنهم كانوا يحملون أفكارا ضد النظام الدكتاتوري والأحداث طويلة وتتشعب ،سيظهر الانتهازي وسيظهر الشخص الذي يعطيك من طرف اللسان حلاوة – ويروغ عنك كما يروغ الثعلب ُ ، ،كما يقول الشاعر ، وعندما تسقط بغداد تتوضح الصور أكثر ، الرسام الذي كنا نعتقده رقيقا ومرهفا وحساسا وجميلا ، كان ينظر من طرف خفي إلى زوجة صديقه! وهذا في تصوري شخص غير مأمون ولكنه غير مكتشف ،وبالتالي هذا الرسام يسرق المعارض العراقية الموجودة في ( مركز صدام للفنون ) كما كان يسمى ، ويتذابح مع اللصوص والبلطجية والقتلة في المتحف الوطني وعلى مرأى ومسمع من جيوش الاحتلال ، ويسرق ويضرب على رأسه ويدمى ، ولكنه يبقى يسرق التحف ويسافر بها إلى الأردن بسيارة مسروقة ليبيع هذه التحف ، هذه بعض من نماذج الانشغالات التي أتمنى أن أنجزها خلال ستة أو سبعة أشهر ، وهذا هو العمل الوحيد الذي عذبني لأن فيه مواقف وتاريخ ، ولكن بعض الفضائيات يرفض التعامل معي لأن بها هكذا أفكار وهكذا أعمال ،وتمتلك من الجرأة الشيء الكثير. كيف تعاملت مع هذه الشخصيات المركّبة التي تعكس واقع ومعاناة الشعب العراقي؟للعلم أني مازلت متحيرا لحد الآن لوضع عنوان لهذا المسلسل ،وعن الشخصيات المركبة التي هي انعكاسات للواقع المؤلم الذي مررنا به، فمثلا شخصية عقيد ركن - ست ابتسام – وهي مديرة مدرسة ثانوية وكانت هذه الإنسانة تريد أن تنمي الذوق والرفعة في الخلق لدى طالباتها ،فتضع أثناء مدة الفرص – السيمفونيات – وهناك إحدى المدرسات البعثيات ، كانت تكتب تقارير للحزب ولوزارة التربية ، تشكوها للمسؤولين عن هذا الوضع وتعلل ذلك بأننا في زمن حصار قاس، ونحن ضد الأميركان وغير الأميركان وهي تسمعنا الموسيقى الغربية ولكنها لا تعرف أن الموسيقى والسيمفونيات غذاء الروح، وعمل فيه سمو لا يمت بصلة لا إلى الأميركان ولا الى غيرهم ، وتتمكن هذه في المستقبل بعدما تطرد- الست ابتسام - من الإدارة ، لتصبح المديرة - ست رجاء - صاحبة التقارير التي كانت تلبس أفخر الملابس وأكثرها إثارة ، تصبح هذه السيدة بعد سقوط النظام محجبة جدا وتصبح واحدة من الداعيات لحزب حاكم ثم تتمكن من الوصول إلى نائبة في مجلس النواب .هل هناك من يدعم هذا المشروع الذي يؤرخ حقبتين مهمتين من تاريخ العراق الحديث؟الحقيقة لم أفاتح أياً من الفضائيات عادة أنا لا أكتب ملخص لأقدمه الى الفضائيات ، ولكن عندما أنجز العمل أكتب الملخص وأتمنى على الفضائيات الجادة من أمثال السومرية والبغدادية والشرقية ،أملي أن أحظى بواحة منهنَّ ولكن لا أعدك بذلك!
المخرج والسيناريست عبد الوهاب الدايني..مسلسل يؤرّخ حقبة مهمّة من تاريخ العراق الحديث
نشر في: 27 نوفمبر, 2011: 07:36 م