حازم مبيضينبعد تجاهل دمشق لأكثر من مهلة منحتها إياها الجامعة العربية، لتوقيع بروتوكول يحدد طبيعة مهمة المراقبين العرب للأوضاع المتأزمة في سوريا، دخلت الأزمة السورية المستمرة منذ ثمانية أشهر منعطفاً جديداً وحاداً، تمثل في حزمة توصيات وضعها وزراء الاقتصاد والمال،
ينتظر أن يكون المجلس الوزاري العربي أقرها أمس الأحد، وهي تشمل مروحة من العقوبات الاقتصادية، من بينها منع سفر كبار الشخصيات والمسؤولين إلى الدول العربية، وتجميد الأرصدة المالية لحكومتها، ووقف رحلات الطيران إليها، وعدم التعامل مع بنكها المركزي، وقف المبادلات التجارية الحكومية، ووقف التعاملات المالية مع دمشق ومراقبة الحوالات المصرفية، وتجميد تمويل إقامة مشاريع على الأراضي السورية من قبل الدول العربية.العقوبات العربية تأتي بعد أن فرضت الدول الغربية حزمة مشابهة على النظام السوري، أدت إلى أزمة اقتصادية بدأت المعاناة منها تظهر على السطح، ويأتي القرار العربي لمفاقمة الوضع إلى درجة عدم الاحتمال، وليس مجدياً على أرض الواقع أن ينبري محللون اقتصاديون يستضيفهم الإعلام السوري، إلى التقليل من تأثير تلك العقوبات، فالدولة السورية لا تستطيع العيش في جزيرة منعزلة عن العالم، ومثل هذه العقوبات كانت بداية الطريق لإطاحة نظام صدام حسين، كما أنها قد تدفع ببعض المتضررين منها إلى صفوف المناوئين لحكم البعث، بعد أن ظلوا في صفوف النظام الذي كان يرعى مصالحهم الاقتصادية. وفي الجانب الآخر، كانت الجامعة العربية طلبت من أمين عام الأمم المتحدة، اتخاذ الإجراءات اللازمة لدعم جهودها في تسوية الوضع المتأزم في سوريا، وهو ما اعتبرته دمشق موافقة ضمنية على تدويل الأزمة، ووصفته بأنه تدخل في شؤونها الداخلية، وتجاهل وزير خارجيتها أن مواقف حكومته هي التي دفعت الجامعة إلى هذا الخيار، الذي تعارضه بعض الدول العربية، ليس حباً في النظام السوري، وإنما دفاع عن مصالحها، ويعني ذلك فعلياً أن الباب بات مفتوحاً لتدخل الأمم المتحدة، وبالتالي مجلس الأمن الدولي، بعد خروج المحاولات العربية من حيز التنفيذ. نعرف أن الأمور ما تزال تحت السيطرة، غير أننا نعرف أيضاً أن سوريا لا يمكن أن تستمر على هذا الحال إلى غير نهاية، كما أن على دمشق إدراك أن الموقف العربي ليس نسخة عن الموقف الغربي غير الموحد، فهناك دول عربية مستعدة للاستمرار في دعم المحتجين السوريين، الذين تواصل دمشق جهودها لشق صفوفهم، ونذر الحرب الأهلية تدق الأبواب، وإذا كنا نخشى نتائج أي احتكاك بين مكونات الشعب السوري، فلأن بعض ضعاف النفوس، يتطلعون للانتقام من الطائفة العلوية الكريمة، التي لابد من التذكير بأنها أنجبت سوريين، سيظلون أعلاماً في السياسة والعسكرية والعلوم والآداب، وليس المجال هنا لذكر الأسماء، لكن هؤلاء ظلوا دائماً سوريين قبل أن يكونوا شيئاً آخر، في حين أن النظام لا يعتمد على هذه الطائفة للاستمرار، وهو بالفعل يمتلك مروحة واسعة من أطياف المجتمع السوري كافة تدعمه وتشد أزره.التدخل الدولي بشكل أو بآخر على الأبواب التي انفتحت على مصاريعها ولا نملك غير القول حمى الله سوريا والسوريين.
في الحدث: أزمة برسم التدويل
نشر في: 27 نوفمبر, 2011: 08:18 م