علاء حسن صباح السبت الماضي دخلت الأجهزة الأمنية المسؤولة عن مدينة الصدر في حالة استنفار قصوى ، وكادت تفرض حظر التجوال وسط تساؤلات الأهالي عن الأسباب ، وتعدد الروايات فمنهم من عزا الإجراءات لدخول سيارات ملغمة ، وآخرون أشاروا الى التمهيد لحملة مداهمة لاعتقال مجموعة إرهابية، تخطط لتنفيذ عملياتها باستهداف المواكب الحسينية ، ومع تردد الأقاويل والتكهنات والاحتمالات ، والترقب لمعرفة سبب فرض التحوطات الأمنية،
تبين أن الأمر يتعلق بتشويه صورة مرجع ديني كانت ضمن جداريات وضعت على حاجز كونكريتي بالقرب من ثانوية قتيبة للبنين ، حيث قام مجهولون برش الصبغ الأسود على وجه صاحب الصورة المعروف بأنه المرجع الروحي لأحد الأحزاب المنضوية ضمن التحالف الوطني ،الذي يشغل ستة مقاعد في مجلس النواب ويحمل ابرز قيادييه حقيبة وزارية.أهالي مدينة الصدر تنفسوا الصعداء بعد معرفتهم أسباب الاستنفار الأمني، واسترجعت ذاكرتهم أحداثا مماثلة حصلت في زمن النظام السابق، راح ضحيتها عدد من شباب تلك المدينة، اثر تعرض جداريات تحمل صورة صدام للتشويه والتلطيخ بالزفت والطين واشياء اخرى ، ونظرا لاتساع استهداف الجداريات وقتذاك تم تكليف "الرفاق البعثيين" بمهمة الخفارات وحراسة الجدارية لحمايتها من عبث "اعداء الثورة " والغوغاء و العملاء القادمين من خلف الحدود .متاعب الجداريات ومشاكلها امتدت من زمن النظام السابق الى الحالي، وقبل اشهر وبالتحديد في منطقة الدورة استهدف مجهولون مجموعة أشخاص كانوا يضعون جدارية تحمل صورة احد القادة السياسيين ، بإطلاق سيل من الرصاص، واسفر الحادث عن اصابة اثنين بجروح بليغة، ولولا رد الفعل السريع من سيارة نجدة شرطة كانت قريبة من مكان الحادث لأصبح أصحاب الجدارية في عداد الموتى لينضموا الى ضحايا الدعاية الحزبية.بعض القوى السياسية تحرص على جعل صور زعيمها في كل مكان، وانتشار الجداريات اثبت وبشكل لا يقبل الجدل بان العراقيين منحوا لمدنهم هوية متفردة بآلاف الصور، وكأنهم يخوضون كل يوم عملية اقتراع انتخابية، وبهذا المنظر السائد والمألوف أكد عشاق الجداريات توطيد الديمقراطية، وسلامة مسار العملية السياسية، وفتح نوافد وأبواب المستقبل الزاهر.في مقابلة لصحيفة يمنية معروفة بولائها للنظام السابق تحدث عراقي في مطلع عام 2007 يلقب بـ "صقر المقاومة العراقية " بأنه كان يتنقل بسيارته في معظم احياء العاصمة بغداد ، واضعا على زجاجتها الامامية صور رجال دين ، وقادة سياسيين، وبهذه الطريقة يستطيع الوصول الى عناصر مجموعته من دون اي اعتراض، وكان يستخدم عبارات توحي بانه ينتمي لمذهب معين، و"صقر المقاومة " لم يكشف في حديثه عن عدد ضحايا عملياته الارهابية، لكنه أعطى دليلا أكيدا على استخدام الصورة في الخداع والوصول الى الهدف. ما جرى يوم السبت الماضي في مدينة الصدر ليس من المستبعد إطلاقا ان يتكرر في مناطق وأحياء أخرى ، وإيمانا بقدسية الصورة ومكانتها في نفوس الأنصار والمؤيدين قد تتحول الانفعالات الى صولة هجومية على منازل قريبة من جدارية تعرضت للتشويه.
نص ردن :صورة وصولة
نشر في: 27 نوفمبر, 2011: 08:38 م