عن : نيويورك تايمز بعد أكثر من ثماني سنوات في العراق، أصبح الإرث الذي تركه الجيش الأميركي يتكون من ديمقراطية ناشئة، ذكريات مريرة عن الحرب، و بالنسبة للشباب العراقي موسيقى الراب و الوشم و اللغة العامية . بمعنى آخر، مع اقتراب الانسحاب النهائي للجيش الأميركي من العراق نهاية العام الحالي، فان القوات الأميركية
تترك وراءها الجيد و السيئ و ما يسميه بعض العراقيين " ما لا قيمة له ". السراويل الرياضية الفضفاضة، الأحذية الرياضية و قبعة البيسبول و عروض الرقص التي يقوم بها الشباب في متنزهات بغداد . يقول محمد ، المعلم في إحدى المدارس الأهلية،الذي يحمل وشما على ذراعه " في الوقت الذي سيترك فيه الآخرون رقصة الراب بعد رحيل الأميركان، فسأستمر بالرقص حتى أصل الى نيويورك". منذ حرب اسقاط نظام صدام عام 2003، ولد ثمانية ملايين عراقي – أي حوالي ربع السكان – وحوالي نصف السكان تقل أعمارهم عن التاسعة عشرة. لذا وبعد سنوات من مشاهدة الجنود الأميركان خلال دورياتهم فمن المؤكد ان نلاحظ تفشي اساليب الهيب-هوب و الخشونة و اللغة العامية بين الشباب العراقي . الكثير من الذين يدعون أنفسهم "الخشنين" ، يرتدون قمصانا مزخرفة متعرقة و يشاهدون أفلام مصاصي الدماء، و يتناولون الهامبرغر والبيتزا ونراهم يحملون بأيديهم سلاسل يحركونها بحركات دورانية و هم يسيرون في الطرقات المزدحمة، و يحلقون شعر رأسهم على طريقة السبايكي او المارينز. بالنسبة للكثير من العراقيين تبدو هذه العادات غريبة اذا لم نقل مهينة، لكن بالنسبة للشباب فإنها جزء حيوي و مهم من تقليدهم للحلم الأميركي كما يتصورونه. يقول محمد إنه تعرّف على الثقافة الأميركية عن طريق صديق مسيحي استطاع الهرب من العنف الذي اندلع ضد المسيحيين في بغداد. ويضيف انه يحاول تسجيل اغنية راب بالعربية والانكليزية تتحدث عن البطالة. يقول شاب آخر، محمد عدنان ، 15 عاما من مدينة الصدر في بغداد، و يحمل عدة وشوم على ذراعيه، " انا احب الجنود الاميركان، و كل الشباب في هذه المدينة يرتدون نفس ملابسهم، لا احد يهتم بذلك و نحن مدعوون الى زفاف حيث سنؤدي رقصات متقطعة". كل ذلك يضاف الى رأي العالم في مجتمع عاش لعقود في ظل ديكتاتورية صدام الذي جرده من الستلايت و الهواتف النقالة و الانترنت .تقول الدكتورة فوزية العطية، استاذة علم الاجتماع في جامعة بغداد" ليس كل العراقيين يرحبون بالثقافة التي جلبها الاميركان، و ان احدى النتائج هي ان الشباب العراقي اليوم يرفضون الزي الموحد، و ينخرطون في علاقات حب غير مقبولة و يثورون على الاكبر منهم سنا. لم تكن هناك ستراتيجية لاحتواء هذا الانفتاح المفاجئ. فالمراهقون – خاصة في المناطق الفقيرة التي تضم آباء من اصول متواضعة و تعليم بسيط – بدؤوا يقلدون الجوانب السلبية للمجتمع الأميركي معتقدين انهم، من خلال تقليدهم للاميركان ، سينالون مكانة عالية في المجتمع. هؤلاء الشباب بحاجة الى توجيه، و الى ان يعرفوا الجوانب الايجابية للمجتمع الاميركي لكي يقلدوها ".مثل الكثير من العراقيين، يريد طالب الاعدادية ميثم كريم ان يتعلم اللغة الانكليزية ، الا ان الانكليزية التي يسمعها من اقرانه، خاصة الذين يستمعون للاغاني الاميركية ، هي لغة مبتذلة .مع بدء القوات الأميركية بغلق قواعدها، يتدافع العراقيون الى القمامة التي تركها الاميركان بحثا عن الملابس و القبعات و الاحذية من اجل بيعها للشباب الذين يدفعون الدولارات لكي يظهروا بمظهر الجنود . من جانب آخر، انتشرت مهنة رسم الوشم في بغداد. ورشة حسن حاكم في الكرادة – طالب في كلية الفنون الجميلة - مليئة بصور رجال و نساء نصف عراة و على اجسادهم الوشم، دون اهتمام بتعاليم الاسلام التي تحرم اظهار الجسد العاري. واجهة المحل سببت هياجا عند افتتاحه في الصيف الماضي، لكن سرعان ما تلاشت الشكاوى. يقول حسن " الشباب العراقي متلهف للوشم ربما بسبب وجود الاميركان هنا ، فقبل اربع سنوات كان الشباب يخفون الوشم في الاماكن العامة لكنهم الان يتعمدون اظهاره". معظم زبائن حسن هم من القوات الامنية العراقية الذين يقلدون اقرانهم من الاميركان، و هم يرغبون برسم الكفن والجمجمة و الثعبان و الرموز المخططة واحرف اللغة القوطية والصلبان. اما الزبائن من البنات فانهن يفضلن الزهور والفراشات على اكتافهن. كما ان بعض الشابات يرتدين الجينز الضيق مع الحجاب والبعض منهن يحملن كلابا صغيرة . ترجمة المدى
الشباب العراقي ينعم بالإرث الأميركي بعد الانسحاب
نشر في: 27 نوفمبر, 2011: 09:02 م