TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن :(ونيس) يبني الدولة العراقية

العمود الثامن :(ونيس) يبني الدولة العراقية

نشر في: 27 نوفمبر, 2011: 10:14 م

 علي حسين علينا أن نصدّق الحكومة وهي تقول إنها مشغولة البال بالثقافة والإبداع، وإنها تسعى لإشاعة ثقافة التنوير والعدالة الاجتماعية والتسامح، وعلينا أن نعترف بان الحكومة وبعض مؤسساتها مصرة على ان نعيش معها أجمل عصور النكتة السياسية، فهي تدرك جيدا أننا عشنا سنوات طويلة في أزمات اقتصادية واجتماعية –لا أريد أن اذكر الأزمات السياسية التي هلت علينا في السنوات الأخيرة -، ولأننا شعب طيب ومطيع فقد قررت أن تكافأنا بأن تقدم لنا كل يوم نكتة لطيفة
تخفف قليلا من حالة الكآبة التي خيّمت علينا بسبب حروب المالكي وعلاوي، بالأمس تم إطلاق نكتة تختصر الواقع الذي نعيشه وتؤكد للجميع أننا لا نزال بخير ولدينا القدرة على السخرية حتى من أنفسنا والنكتة تقول: إن بيت الحكمة العراقي يستعد لعقد مؤتمره العلمي السنوي الأول في العاصمة المصرية القاهرة تحت شعار (بناء الدولة) للفترة من الثالث حتى الخامس من شهر كانون الأول 2011 المقبل بمشاركة  شخصيات عراقية وكذلك نخبة من المثقفين والأدباء والفنانين المصريين أبرزهم الفنان القدير محمد صبحي، انتهت النكتة.. وبدأت المهزلة.طبعا لا اعتراض عندي على أن تقيم أي مؤسسة ثقافية مؤتمرا تناقش فيه أحوال الناس وتستعرض قضاياهم، وحسناً تذكّر بيت الحكمة أننا بحاجة ماسة الى ان نناقش موضوعة (بناء الدولة) في هذا الوقت بالذات الذي ضاعت فيه ملامح بناء دولة مدنية تضمن حقوق الجميع، دولة لا فضل فيها لأحد على الآخر إلا بقدر ما يقدمه للمجتمع، دولة لا نسمع فيها كلمات المحسوبية والانتهازية والرشوة.. دولة لا مكان فيها لسجون سرية ومعتقلات تذيق الناس اشد أنواع العذاب، ولكن ما الهدف من إقامة المهرجان في القاهرة بالذات؟، وأين المفكرون العراقيون والمثقفون الذين تبتعد عنهم المؤسسة الثقافة العراقية يوما بعد آخر، والسؤال الأهم من هم المثقفون المصريون الذي سيناقشون بناء الدولة العراقية، وكثير منهم للأسف امتلأت بهم الصحف والقنوات الفضائية وهم ينادون بالثأر لبطل (الحفرة القومية) لم نقرأ للأسف او نسمع الا ما ندر أن تظاهر عدد من الكتاب والمثقفين المصريين احتجاجا على العمليات الإرهابية التي ضربت مدن العراق والتي سفكت فيها دماء بريئة لأطفال ونساء وشيوخ وشباب.. لم نقرأ أو نسمع إلا بضعة أصوات قليلة مخلصة وصادقة من النخبة الثقافية المصرية وهي تتحدث عن تجربة العراق في الديمقراطية وأهميتها ضمن المسار التاريخي لحركة الشعوب، لكن صحف القومجية امتلأت بالسباب والشتائم للشعب العراقي لأنه فرح بالحرية وباندحار عصر الدكتاتورية،  لم نسمع أن مؤسسة ثقافية عربية محايدة ناقشت التجربة العراقية الجديدة وسعت إلى تفعيل سبل مواجهة الإرهاب، ولكننا شاهدنا كيف نصبت منابر الخطابة للحديث عن غياب الهوية العراقية.من المثير للسخرية أن يأتي هذا المؤتمر ليحدد هوية الدولة العراقية من القاهرة، فيما قادة بغداد يسعون جاهدين لطمس هوية الدولة العراقية المدنية، ولا أدري عن أي دولة سيتحدث المجتمعون، هل هي دولة السياسيين وصراعهم على المناصب، أم دولة الشعب الذي يريد له البعض أن يعيش زمن العصور الوسطى، ولكن يبدو ان الثقافة في رأي الحكومة ليست أكثر من احتفالات ومهرجانات لا تحمل لونا ولا طعما ولا رائحة، بل هي فساد وفساد يتحرك أمامك مثل الشبح تشاهده ولا تستطيع الإمساك به، الفساد هو سيجعل المسؤولين يعتبرون هذه المهازل أشبه بفتوحات أبي زيد الهلالي. السادة القائمون على فعالية بيت الحكمة.. أرجوكم أن تضعوا نهاية لهذه النكتة بان تطلبوا من الفنان محمد صبحي الشهير بدور "ونيس" أن يشرح لنا تجربته في بناء الدولة أيام كان يجلس مع "القائد الضرورة" مبتسما للكاميرات منشرح البال والضمير و(الجيب).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram