وديع غزوان ليس انحيازاً عاطفياً ذلك الذي يشدني إلى تجربة إقليم كردستان وما حققته من نجاحات سياسية واقتصادية واجتماعية ، لم يدع أحد يوماً أنها وليدة شخص أو حزب بعينه ، بل حصيلة تضحيات ونضال طويل تعرض فيه الكرد إلى أبشع صنوف الاضطهاد ومحاولة طمس الهوية ، والأبشع محاولات تشويه نضال هذا الشعب من اجل حقوقه . ومع ذلك فلا ينكر أحد ما رافق هذه التجربة من أخطاء اعترف بها كما اشرنا في أكثر من مناسبة كبار المسؤولين فيها .
ورغم أن الرؤى السياسية قد لا تتطابق بالكامل مع بعض ما يطرح احياناً ، لكني لا أملك إلا إعلان إيماني الواعي والحقيقي ببرنامج الحزبيين الديمقراطي والاتحاد الوطني اللذين نجحا في تجاوز عقبات ومعوقات كثيرة من اجل هدف كبير التقيا عليه اسمه كردستان .. ذلك الحلم الذي كان يراود كل كردستاني مسيحي أو مسلم أو من أي مكون آخر . في حياتي الصحفية المريرة والطويلة تجنبت بالممكن أن أكون في جوقة المداحين والطبالين ودفعت ثمن ذلك راضياً ، غير أني اعتقد أننا في ظرف كالذي نعيشه نحتاج إلى إبراز ما تحقق ويتحقق من نجاحات هنا وهناك بقدر الحاجة إلى الإشارة إلى ما في كل تجربة من سلبيات كبيرة أو صغيرة من اجل مساعدتنا في تلمس طريقنا إلى آفاق أوسع وأرحب . ومن هنا فقد لاحظت من خلال متابعتي للتجربة الكردستانية شيئا غريبا لا ينسجم وروح التسامح الكبير الذي كان مفتاح الانطلاق إلى إمام بثقة، وتحقيق كل هذه النهضة التي شملت جميع الميادين ، هذا الشيء الغريب هو طبيعة النظرة المتخلفة إلى المرأة بحيث أن استبيانياً أجرته منظمة الحقوق المدنية بالتعاون مع المعهد الديمقراطي الوطني الأميركي اظهر أن 57% من المواطنين يرون أن القتل بدافع الشرف ليس جريمة كما أن 53% يرى أن من يقتل المرأة بدافع الشرف ليس مجرماً ، ومع الأخذ بنظر الاعتبار أن الشك والظن يكونان وراء قتل نسبة عالية من النساء، ندرك مدى الظلم والحيف اللذين تتعرض لهما المرأة في كردستان . صحيح ان طبيعة المجتمع الكردستاني قد تكون سبباً في بقاء هذه العقلية بهذه النسبة وصحيح ايضاً أن ما حصلت عليه المرأة الكردستانية من حقوق وقوانين تضمن حمايتها ليس بالقليل، وإن منهن من يتبوأن مواقع قيادية في الأحزاب والبرلمان والحكومة ، غير أن كل ذلك ،ومع بقاء مثل هذه العقلية ، لا يتناسب وحجم ما قدمته من تضحيات تفوق الرجل في كثير من الجوانب . لم اعش تفاصيل نضال الحركة التحررية الكردية ، لكنني كنت أسمع من قبل عدد ممن شارك فيها بل حتى من بعض ضباط الجيش السابق مواقف خالدة ومشرفة للكردستانية المناضلة لا أدري سر هذا التعتيم عليها وعدم إبرازها . مرة أخرى نؤكد أن ما تحقق في التجربة الكردستانية يستحق الفخر ، لكنها ما زالت تحتاج الى الوقوف عند بعض السلبيات ومنها ما يتعلق بالمرأة وحقوقها ، لان بقاء العنف ضدها لا ينسجم وأي توجه ديمقراطي، ناهيك عن انه مناف لكل قيم الأديان السماوية .
كردستانيات: التجربة الكردستانيّة والمرأة
نشر في: 28 نوفمبر, 2011: 08:10 م