□ الموصل/ عادل كمال استهداف واضح ذلك الذي تعرض له المسيحيون في الموصل بين عامي 2003 و2008 ضمن موجة استهداف الأقليات في المدينة فقدوا فيه نحو 139 شخصا في حوادث متفرقة، وتعرض العديد من كنائسهم وأديرتهم إلى الاعتداء،
وفضّل الآلاف منهم خيار الرحيل عن المدينة التي عاشت فيها أجيال متعاقبة من المسيحيين منذ آلاف السنين. وطوال السنوات الماضية التي تلت التغيير في العراق عام 2003 ظهرت أصوات سياسية مسيحية تطالب بإنشاء منطقة إدارية خاصة بالمسيحيين في منطقة سهل نينوى، إلى الشرق من نهر دجلة تضم مجموعة من البلدات المسيحية أهمها قرقوش وبرطلة. "نقاش" التقت معن باسم سليم عجاج، مستشار محافظ نينوى لشؤون المسيحيين، وممثل حكومة نينوى في هيئة الأمم المتحدة، وتحدث عن مشروع المحافظة المسيحية الذي طرحته أطراف سياسية مسيحية مرات عدة وسر رفض المسيحيين الشديد له، وهي المرة الأولى التي تتحدث فيها شخصية مسيحية بارزة عن الوجود المسيحي في نينوى، ومستقبله في ضوء المتغيرات الجارية بأرقام موثقة. * برأيكم من يقف وراء استهداف المسيحيين في الموصل؟- المسيحيون عاشوا في نينوى مع المسلمين طوال 1400 عام، ولم يسجل التاريخ وقوع أية مشاكل بين الاثنين، وكانت العلاقات بينهما وما زالت أخوية أساسها المحبة، ووطنية يجمعهم العراق، غير أن مجاميع مسلحة تحمل أجندات خارجية دخلت البلاد بعد احتلاله من قبل القوات الأميركية، استهدفت أرواح المواطنين المسيحيين وممتلكاتهم وكنائسهم في مدينة الموصل، وقتلت نحو 139 مسيحياً، كما تعرضت كنيسة الطاهرة التاريخية إلى التفجير مرتين في عامي 2004 و2007 مع عدد من الكنائس الأخرى، وكانت تلك الأساليب تهدف إلى فصل المسيحيين عن نسيج نينوى الاجتماعي وعزلهم في تشكيل إداري خاص بهم، أو حثهم على مغادرة البلاد، ترغيباً وتهديداً وهذا ما حدث بالفعل في عموم العراق، حيث كان عدد المسيحيين فيه مليون و800 ألف شخص قبل 2003، ولم يبق منهم الآن سوى 500 ألف مسيحي، يعيش 100 ألف منهم تقريباً في نينوى. ولو أنني أرى بخلاف الآخرين، أن هناك سببين آخرين غير الاستهداف دفع المواطنين المسيحيين إلى مغادرة مدينة الموصل، أولهما الوضع الاقتصادي المتدهور في المدينة جراء الانفلات الأمني بين عامي 2003 و2008، والسبب الآخر هو أزمة السكن الشديدة في الموصل وعدم توفر فرص العمل التي دفعت الكثيرين للهجرة إلى قضائي الحمدانية وتلكيف واللجوء إلى إقليم كردستان، حيث الأمن والازدهار الاقتصادي، لاسيما وأن حكومة الإقليم كانت توفر السكن لهم ولباقي النازحين من مدن عراقية أخرى في ذلك الوقت.* ما مظاهر تأثير تلك الضغوط على المسيحيين؟- النزوح والرحيل هما من أهم مظاهر تأثير الاستهداف، فالقضية تكمن في أن المسيحيين لا يتمتعون بعمق عشائري أو قبلي يلجأون إليه لحمايتهم مثل العرب والكرد، فلم يجدوا أمامهم في ظل ضعف أجهزة الدولة، والحكومتين المحلية والمركزية، سوى خيار الرحيل إلى قضائي الحمدانية (شرقي الموصل)، أو تلكيف أو اللجوء إلى مدن إقليم كردستان، أو النزوح باتجاه دول الجوار واللجوء إلى الدول الأوربية.* وهل كان الاستهداف على أساس ديني أم قومي؟- مستهدفو المسيحيين يحملون أجندات سياسية لا علاقة لها بالعقيدة الدينية أو الانتماء القومي، فجيراني المسلمون كانوا ولسنوات عدة يرفضون أن أغادر منزلي لقضاء حاجات البيت خوفاً على سلامتي في الأعوام التي شهدت تزايد استهداف المسيحيين، وكانوا يفعلون ذلك نيابة عني، ويرسلون أطفالي إلى مدارسهم ثم يعيدونهم إلى المنزل، وهناك شواهد أخرى، فالمطران فرج رحو رئيس أساقفة الكلدان في الموصل الذي اختطف وقتل من قبل إحدى الجماعات المسلحة هناك في آذار عام 2008 طلب من المسيحيين يوم سقوط نظام صدام حسين وحدوث الفوضى في الموصل حماية الجامع القريب، مثلما أوصى شيخ الجامع ذاته المسلمين بحماية الكنائس.* أنت تتحدث بثقة كبيرة عن فشل مشروع إقامة محافظة خاصة بالمسيحيين في سهل نينوى، ما الحجج التي تؤكد ذلك؟- المسيحيون في نينوى مستقلون، ويؤمنون بعراق قوي وموحد، وكنيسة واحدة جامعة ومستقلة، وفي ضوء ذلك فهم لا يتقبلون تلقي الأوامر أو التعليمات من جهات لا تحمل صفةً إدارية رسمية مثل تلك الأحزاب، أو جهات خارج إطار الكنيسة، والتجربة أثبتت إنهم يرفضون وبشدة الأفكار التي جاءت مع الاحتلال الأميركي للعراق، أو نشأت بعده، كفكرة إقليم أو محافظة سهل نينوى. فالمنادون بها أنفسهم كعضو مجلس النواب يونادم كنا وغيره أكدوا فشلها لاحقا، ثم إن المواطن المسيحي لم ير أية مصلحة له في تبني المشروع أو حتى مجرد مناقشته، لعدم جدواه بالنسبة إليه. والكل يعرف أن قرقوش كانت عبارة عن قرية، رحب أهلها كثيراً عندما تم تحويلها إلى ناحية ثم إلى قضاء لاحقاً، لأن ذلك أسهم في تطوير الخدمات فيها من خلال فتح فروع للدوائر الحكومية فيها وبناء مستشفى ومدارس وغيرها من المرافق الخدمية. ولو كانت المطالبات بجعل سهل نينوى محافظة لدواع إدارية خدمية بحتة، لقاتل المسيحيون من أجل ذلك، لكنهم تيقنوا أن السبب الرئيسي قومي وطائفي ليس إلا.* إنشاء جام
مـستشار محافـظ نينوى لشـؤون المسيـحيين: نرفض تـشـكيل إقليم مـسيحي

نشر في: 28 نوفمبر, 2011: 08:18 م









