محمد صادق جرادفي أحد السيناريوهات المتوقعة انطلق حزب العدالة والتنمية الإسلامي في المغرب على خطى حزب النهضة التونسي ليفوز بنسبة كبيرة من المقاعد البرلمانية في الانتخابات المغربية التي كانت نسبة المشاركة فيها بحدود 45% التي تعد نسبة جيدة قياسا بالانتخابات السابقة .
ويبدو أن فوز حركة النهضة الإسلامية في الانتخابات التونسية كان له اثر كبير في تغيير منحى الناخب العربي في المغرب باتجاه فوز حزب العدالة والتنمية ومن المتوقع أن يكون له الأثر نفسه على خيارات الناخب في الانتخابات المصرية أيضا . وهنا علينا أن نؤكد حقيقة مهمة جداً وهي أن هذا التقدم لحزب العدالة والتنمية يعزز مخاوف البعض من سيطرة الأحزاب الإسلامية على المشهد السياسي في أكثر من دولة عربية بعد نجاح الثورات التي قام بها الشباب والحركات الشعبية والليبرالية والعلمانية، وتمكنت من خلالها إسقاط الأنظمة الدكتاتورية بينما يرى الكثيرون بأن الأحزاب الإسلامية ستكون الأوفر حظاً في قطف ثمار هذه الثورات لأسباب كثيرة أهمها سيطرة المؤسسة الدينية على الشارع، حيث استطاعت أن تعشش بين ثنايا المجتمع على مدى عقود طويلة مستفيدة من سياسة التهميش التي كان يمارسها النظام الدكتاتوري ضد جميع القوى السياسية الأخرى والحرمان الذي كان يعانيه المواطن العربي .إضافة إلى أن الأحزاب الإسلامية هي الأكثر تنظيما واستعدادا للدخول في أي انتخابات في ظل الإسراع في مرحلة التحول وضيق الوقت بالنسبة للقوى الليبرالية والعلمانية التي قامت بالثورة حيث لم تتمكن خلال هذه الفترة القصيرة من تنظيم نفسها وعرض برامجها السياسية والاقتصادية على الناخب العربي .وهذا ما تجلى بوضوح في مسألة التصويت على التعديلات الدستورية في مصر والذي كشف عن اليد الطولى للإخوان المسلمين في إقناع الناخب من خلال استخدام المسجد والدين والخطاب الديني في الوصول إلى الهدف المطلوب .إضافة إلى أن الأحزاب الإسلامية أصبحت اليوم بديلا للناخب العربي عن الأنظمة الدكتاتورية الحاكمة وأحزابها التي فشلت في تحقيق التنمية الاقتصادية . الأمر الذي أوصل الناخب الى الرغبة بتجربة الأحزاب الإسلامية التي لم تكن مشاركة في الحكومة سابقا ومعاقبة الأحزاب الأخرى التي لم تحقق أي تقدم للشعب .وعلينا هنا أن نشرع نوافذ الأسئلة التالية .هل ستحقق الانتخابات في المغرب وتونس ومصر تغييرا في الحكومة وطبيعة النظام الحاكم بقيادة الأحزاب الإسلامية ؟ وهل ستشهد الدول المعنية تغييرا جديا نحو الديمقراطية وتحقق تقدما في الملف الاقتصادي والتنموي لينعكس ايجابيا على حياة المواطن ومستواه المعيشي، أم إننا سنشهد صراعا على السلطة لا يجني منه المواطن العربي سوى التجاذبات والصراعات التي ربما ستنعكس على المجتمع لتتحول الساحة الى صراعات سياسية وطائفية تمثل أجندات خارجية تبحث عن مصالحها في تلك البلدان وتدعم هذه الطائفة أو ذلك الحزب؟يبدو أن المخاوف من وصول أحزاب إسلامية متطرفة إلى السلطة والتي يشعر بها البعض لم تعد خافية وعبرت عنها أكثر من دولة غربية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية كما ظهرت المخاوف العراقية على لسان رئيس الجمهورية السيد جلال طالباني ومن خلال الموقف الرسمي للعراق المتمثل بالتحفظ على قرارات الجامعة العربية ضد سوريا ، ويبدو أننا ورغم كل ذلك سنعيش حقبة حكم الإسلاميين الذين كانوا نتاج حقبة الاستبداد التي امتدت لعقود طويلة . وعلينا أن نقول في الختام بأن الأحزاب الإسلامية إذا ما وصلت الى السلطة وأرادت للربيع العربي أن يستمر فعليها أن تلتزم بالقيم الديمقراطية وأن تبتعد عن مفردات التطرف والتعصب ولا بد من تكريس مفاهيم حقوق الإنسان وحماية هذه الحقوق من الانتهاكات لاسيما حقوق المرأة، إضافة إلى تجسيد مفاهيم التعايش السلمي وقبول الآخر . ومن دون هذه القيم والمفاهيم فإننا سنعيش مرحلة صعبة وطويلة لن يتمكن الثوار من تحقيق الديمقراطية من خلالها وربما سنكون بمواجهة حقبة الأحزاب الإسلامية المتطرفة التي ستفصل بين العرب وبين الحلم الديمقراطي .
(العدالة) المغربي.. على خطى (النهضة) التونسي
نشر في: 29 نوفمبر, 2011: 06:37 م