هاشم العقابيأكثر ما يسرني بعد سقوط أي طاغية في أي بلد، هو أن أرى الناس تنتخب بكامل حريتها. وبالمقابل اشد ما يؤلمني هو الغش والتحايل من قبل الاحزاب والكتل السياسية لسرقة اصوات الناخبين. ففي اول انتخابات جرت بالعراق بعد السقوط، كانت فرحتي برؤية العراقيين وهم يتحدون الموت سيرا نحو صناديق الاقتراع تعادل فرحتي بسقوط النظام السابق، ان لم اقل افرحتني اكثر. ورغم اني لم اكتب الا القليل من الاغاني جرني الفرح لا اراديا ان اكتب اغنية عن الانتخابات بعثتها للمطرب حسن بريسم الذي لحنها وغناها وسجلها بوقت قياسي قصير.
وبشيء من الحماس ذاته وكأنني مصري، صرت في هذه الايام اتابع اول تجربة انتخابية بمصر ويدي على قلبي. جميل هذا الاندفاع الكبير من قبل المصريين الذي يؤكد عطشهم لممارسة حق كان يسلب منهم طوعا وكراهية. اهم شيء كنت اتابعه في الانتخابات المصرية على مدى اليومين السابقين، هو مؤشر الغش. وجاءتنا الاخبار بأنباء تشير الى ان الاختراقات والتحايلات كانت بسيطة الى حد انها لا تؤثر على نزاهة الانتخابات. امر طبيعي ان تحدث مثل هذه الخروقات في اي بلد، خاصة اذا كان يعيش أول تجربة انتخابية حقيقية. كنت اتوقع ان الاحزاب الاسلامية المصرية، ستكون اكثر الفئات التزاما بالقواعد والضوابط الانتخابية. توقعي متأت من ان هذه الاحزاب ترفع الدين شعارا لها. ولا اعتقد ان أي دين، خاصة الاسلامي، يحث على الغش والتحايل. ففي اقل تقدير نعرف ان هناك حديثا نبويا يقول: "من غشنا ليس منا". ويفترض بالاحزاب الاسلامية، كالاخوان المسلمين (الحرية والعدالة)، ان تلتزم به اكثر من غيرها. لكن الذي حدث هو العكس تماما. فقد رصد "التحالف المصري لمراقبة الانتخابات" العديد من محاولات الغش من قبل الإخوان المسلمين، إذ ذكر، في بيان أصدره في اول يوم للانتخابات: أنه في العديد من اللجان الانتخابية في محافظة القاهرة، شوهدت نساء من حزب الحرية وهنّ يقمن بتسويد بطاقات الانتخاب. أي أنهن حصلن على البطاقات (بما يخالف القانون) واخترن قوائم الحزب نيابة عن الناخبين .. وان أنصار مرشحي الإخوان قاموا بشراء أصوات الناخبين في الأحياء الشعبية مقابل 50 جنيه (حوالى 8 دولارات) للصوت الواحد، مما أثار سخرية الكثيرين، الذين ترحموا على أيام الرئيس المخلوع حين كانت الرشوة الانتخابية تصل إلى مئة دولار".ومع ان الاحزاب الليبرالية قد التزمت بالتوقف عن دعايتها الانتخابية قبل بدء الانتخابات، وفقا للضوابط، الا ان الاخوان والسلفيين، بحسب منظمات مراقبة للانتخابات، قد ضربوها بعرض الحائط ومارسوا دعاياتهم برفع اصواتهم وشعاراتهم حتى اثناء التصويت مرددين: " «من أجل الله عز وجل انتخبوا رجال الله»".والسؤال هنا: من هم هؤلاء "رجال الله"؟ فان كانوا هم الذين لا يلتزمون بالقوانين ويشجعون الرشوة والغش، اذن يصبح من لا يغش ليس منهم. وما ظلمناهم.
سلاما ياعراق : الإخوان: "من غشّنا فهو منا"!
نشر في: 29 نوفمبر, 2011: 08:09 م