قيس قاسم العجرش لا أعرف لماذا يجب أن يكون التعرض الإعلامي لموضوعة الاستجواب موضوعياً للغاية، وملتزماً للغاية بحذافير القانون والدقة وتوخي الحذر ودقيقاً للغاية في وقت لا يخضع الاستجواب ذاته إلى هذه الشروط بأي شكل كان.المطلوب الآن من جميع وسائل الإعلام أن تكون ماسكة بميزان للذهب حين تتعامل مع النضوحات المعلوماتية التي تخرج من جولات الاستجواب في وقت تطوح به السلطة التنفيذية والتشريعية بكل آليات وحيثيات الاستجواب الذي هو حق قانوني ودستوري للنائب عن الشعب.
يجب علينا كصحافة أن ننتظر اللحظة التي تحتم على المسؤول أن يأتي مرغماً إلى مجلس النواب كي تسمح سعادته بأن يزف لنا بعض الأرقام.عتمة معلوماتية لم يسبق لأحد من البلدان أن مرّ بها لأننا في حوض غير مسبوق للفساد.كم من وزير هدد بمقاضاة من يستجوبوه وكم من مسؤول تنفيذي امتنع بالأصل عن الحضور وتبجح بإهمال طلبات استجوابه.أحدهم قال قبل أشهر قليلة إنه سيلقي القبض على القاضي الذي أصدر مذكرة قضائية لاستقدامه، الآخر طار وركب الجو قبل أن يضحك على اللجنة البرلمانية التي صرحت بضرورة استجوابه.مرة أخرى نقع في المفارقة الكونية التي تقتضي أن يعترف الجميع بالفساد دون أن يكون لنا القدرة على النطق باسم مفسد واحد أو تشخيص ظله حتى.مرة أخرى يكون لدينا فساد بلا مفسدين، تبخروا أو طاروا أو لجأوا إلى دول تعصمهم من كل شيء ويبقى لدينا فقط التصريحات والتناطحات الكلامية التي يجيدها هؤلاء الذين لا قدرة لهم على إتمام (العركة) مع الفساد.لنا أن نستوقف أنفسنا ونسأل، إما أن الفساد قد كبر وتورم إلى الدرجة التي تمكن معها من تكميم الأفواه حتى في البرلمان وإما إننا نتخيل فقط الأرقام المليارية التي تدور في الصحافة دون أن يكون لنا الحق في أن (نتخيل) تحولها الى واقع ملموس على أرض العراق.المليارات اليوم هي كالطيور التي تحط هنا وهناك لكنها تبقى طائرة محلقة بعيدة عن ان تطولها شباك الناس كي تنتفع بها، هي تسقط فقط في حجر صيادين مهرة تمكنوا أولاً من (صيد) مناصبهم وثانياً من خداعنا مراراً وتكراراً بألا فساد في العراق، لنا فقط أن نحلم بما يمكن أن تنفذه هذه المليارات في حال نزلت من تحليقها.لم يبق إلا أن تكتب أمانة بغداد على أحجار أرصفتها الممزقة مراراً بأنها أنزه المؤسسات والعبرة في القول لا في الفعل أما ما نراه من خرائب بغدادية ومدينة ترابية لا تعيش فيها الطيور ومشاريع لا تعيش أكثر من عمر شتلات الزهور التي تحتويها.. مبارك لبغداد بأمانتها ومبارك لها بمشاريعها حين تكتمل.. فقط بانتظار أن تكتمل.
تحت الضغط العالي :استجواب أعمى
نشر في: 29 نوفمبر, 2011: 09:58 م