علي حسينماذا فعلت الحكومة ومجلس النواب مع العار الذي يطاردهم جميعا والمتمثل بإخضاع سيدة عراقية إلى جلسة سمر وحشية من قبل رجال امن أذاقوها اشد أنواع العذاب واسمعوها واسمعونا أقذر الكلمات؟، هل ستكون القضية حاضرة في البرلمان؟، هل سيخصّص رئيس الوزراء جزءاً من وقته المشغول بالمعارك السياسية ليسأل عن مصير هذه الفتاة ولماذا تمت معاملتها بهذه الوحشية؟، وهل ستكون القضية حاضرة في وجدان السياسيين؟،
لقد عشنا جميعا أشهرا طويلة مع العرض الذي قدمه السياسيون ومعهم الحكومة لمناصرة شعب البحرين، وشاهدنا كيف ترقرقت الدموع في أعين البعض من النواب وهم يرون حادثة الشاب البحريني الذي دهسته سيارة حكومية.. وكيف شمر البعض عن سواعده وقرر أن يبحر في سفينة تنقذ البحرانيين من بطش حكومتهم، وقبل أن يحاول البعض تفسير الموضوع باتجاهات أخرى فأنني مع الشعب البحريني في دفاعه عن حقه بالحرية والمساواة ومطالبه العادلة في إقامة نظام دستوري، ولكن أليس من حق هذه الفتاة أن يخصص نوابنا جزءاً من وقتهم لمعرفة لماذا حصل لها كل هذا، ومن المسؤول عن هذه الجرائم التي ارتكبها أفراد يفترض أنهم حماة القانون والعدالة، أليس من حق هذه الفتاة أن تلتفت الحكومة لمناقشة الأساليب الوحشية التي اتبعتها القوات الأمنية معها ومحاسبة من مارس التعذيب ومن اصدر الأوامر بذلك؟ لقد استمعنا قبل يومين لرئيس الوزراء وهو يقول إن "العراق تقدم كثيرا في منح المرأة الحرية والمشاركة الحقيقية بعيدا عن الحسابات الأخرى"، واسأل ماذا تعني هذه الكلمات لامراة عراقية تعرضت لمثل هذا الفعل الوحشي، لقد استهلكت القوى السياسية ومعها الحكومة كل طاقاتها في معارك جانبية لا تصب في مصلحة الناس، وشاهدنا كيف وقف عدد من نوابنا الأشاوس يدافعون عن المزورين وسراق المال العام، وكيف أراد لنا البعض أن نرتد إلى عصر وطبان وسبعاوي وفدائيي صدام، فمثل هذه الأفعال البربرية كانت جزءا من سياسة صدام ويبدو أن هناك من لا يريد عصر القائد الضرورة أن يغادر حياتنا، الذي حدث لهذه السيدة في احد مراكز الشرطة ليس فقط جريمة لكنه فضيحة مكتملة الأركان، تكشف لنا أي نوعية من البشر يحكموننا.لقد قدم العراقيون تضحيات كبيرة وغالية من أجل الحرية والانعتاق من نظام دكتاتوري متسلط، لكن للأسف السنوات الماضية كشفت لنا بوضوح أن هناك من لا يريد لجمهورية الخوف أن تختفي من ذاكرة الناس، ولا يريد لظل عدي النزق أن يتوارى عن المشهد، بدليل أن قطار القمع والانتهاكات لا يزال يمضى في طريقه وكأن شيئا لم يتغير، فالحكومة مصرة على اعادة تشغيل ماكنة إهدار كرامة الناس والعبث بحياتهم. السيد المالكي.. الناس تريد إجابة على سؤال يؤرقها من سيحاسب هؤلاء الضباط والشرطة الذين اشرفوا على وليمة التعذيب بحق هذه السيدة. السيد المالكي.. إن القضية اليوم اكبر من قضية امتهان إنسانية امرأة لا حول لها ولا قوة، إنها قضية آلة التعذيب التي استطالت وتمددت بفعل قوانين الإرهاب المسلطة على رقاب الناس، فلم يعد من حق أي مواطن أن يجادل رجل امن في الشارع وإلا اتهم بالإرهاب، ولم تعد مراكز الشرطة والمعتقلات العلنية منها والسرية مكانا لتطبيق العدالة وإنما بؤر للفساد والرشوة وابتزاز الناس. لقد عشنا من قبل ظاهرة تعذيب ومطاردة المتظاهرين واليوم نعيش سيناريو تعذيب المعتقلين، في الوقت الذي يفلت فيه المفسدون وسراق المال العام والمزورون والقتلة ومروجو الطائفية من القصاص. إن كل من ساهم في تعذيب هذه السيدة ومن صمت على هذا المشهد ومن حاول أن يتستر عليه سيذهب حتما إلى مزبلة التاريخ، وفي مزبلة التاريخ أماكن اخرى لسياسيين كذبوا وتمسحوا بالتغيير، ثم تخلوا عنه حين جلسوا على موائد الغنائم، ليبدأوا فصلا جديدا في سرقة أحلام الناس ومستقبلهم وأمنهم وكرامتهم.
العمود الثامن :السيد المالكي.. ماذا لو كانت بحرانية؟
نشر في: 29 نوفمبر, 2011: 10:27 م