علاء حسن قبل انتهاء وحسم الجدل حول تشكيل الأقاليم ، برزت دعوات لاستحداث محافظات جديدة ، ونسب للنائب عن تحالف الوسط المنضوي ضمن القائمة العراقية شعلان الكريم بأن هناك مخططا لاستحداث محافظة "سامراء المقدسة "بعد اقتطاعها من صلاح الدين ، وبغض النظر عن صحة ما ذهب إليه النائب ، فان الساحة السياسية تشهد هذه الأيام صراعا ملحوظا بين الأطراف المشاركة في الحكومة حول تشكيل الأقاليم أو رفضها .
الدعوة لاستحداث محافظة أو أكثر جاءت ردا على المطالبين بتشكيل الإقليم ، ومحاولة لإحباط مساعيهم في الحصول على حقهم الدستوري ، ولغرض حصر المطالبين بزاوية ضيقة ، لوح ائتلاف دولة القانون بمقاضاة أعضاء في مجالس المحافظات ومنها صلاح الدين لتورطهم بتزوير شهاداتهم الدراسية ، وفي ضوء ذلك ستشهد الأيام المقبلة مواقف أخرى للحد من الدعوات المطالبة بتطبيق المادة الدستورية المتعالقة بتشكيل الإقليم ، لأن الظروف الحالية غير مناسبة.من شارك في كتابة الدستور يعلم قبل غيره أن مواده لم تحدد بسقوف زمنية وتوقيتات للتطبيق والتنفيذ ، لكن الاجتهاد السياسي ، وحسابات المصالح الحزبية ، والتشبث بالسلطة حتى آخر نفس ، جعلت الدستور العراقي خاضعا للأمزجة والأهواء والرغبات في سابقة خطيرة تهدد مستقبل النظام السياسي .خلفت المطالبة بالأقاليم انقساما حادا بين الأطراف المشاركة في الحكومة ، وأعادت لاصطفافات الطائفية ، ووصل الانقسام إلى صدور تصريحات تطالب بإعادة كتابة الدستور من جديد ، لأن النخب السياسية، فشلت في إنجاز التعديلات على المواد موضع الخلاف ، وأنها لم تتفق بعد على آليات التطبيق ، وفي هكذا أوضاع ، هل ثمة مستقبل للديمقراطية ، في ظل صراع محتدم بين قوى ادعت أنها تمثل الشعب ؟ ورفعت شعار المشروع الوطني ؟ وأقسمت على التمسك بالدستور لتحقيق المصالح الوطنية لأبناء الشعب العراقي ؟ والسؤال موجه لمن يتصدى للمسؤولية ، وأطلق الوعود للناخبين قبل أن يحتل موقعه الحالي .في كل يوم يضاف ملف شائك للمشهد السياسي العراقي، سواء عن قصد أو نتيجة جهل وقلة خبرة ، ولكن العامل الرئيس والحقيقي لاضطراب المشهد هو غياب القواسم المشتركة ، وانعدام الموقف الموحد تجاه الكثير من القضايا ، بفعل تجاهل الدستور ، لأن بعض مواده بنظر البعض جعلته حقل ألغام ، فأصبح أخطر بقعة في الساحة السياسية ، واستنادا لهذه الأوهام تم إرجاء التعديلات ، ولم تستطع التوافقات أن تحقق خطوة واحدة في هذا المسار . يقال أن الأنظمة السياسية وخصوصا في المنطقة العربية تشبه طباع البشر وصفاتهم ، وحتى أمراضهم النفسية والجسدية ، فهناك أنظمة مجنونة ، وأخرى تعاني انفصام الشخصية وثالثة متهورة ومتكبرة ومتجبرة ، ومنها مصابة بداء "الثول " لاتعرف أين تضع قدمها وفي أي اتجاه تسير، ولا تستطيع كش الذباب عن وجهها ، ثرواتها مبددة ، وسيادتها مهددة ، كثيرة الكلام ، تعيش في أحلام ، وخلافاتها مستمرة على الدوام ، ومثل هذا النظام لايستحق الاحترام ، على طريقة أسلوب المؤرخين القدماء في رواية الاحداث والوقائع ، والنظام الجدير بالاحترام والتقدير يعرف بدستوره الدائم ، وليس بعنتريات السياسيين والمسؤولين بالكشف عن المزورين واستحداث محافظة ، وجعل ناحية "العكيكة" العاصمة الشتوية للبلاد بعد القضاء على أفاعي سيد دخيل .
نص ردن: مزاج دسـتوري
نشر في: 30 نوفمبر, 2011: 07:58 م