د. معتز محيي عبد الحميدللصغير عذره إذا أخطأ التصرف، فحصيلة تجاربه محدودة، ودرجة نموه النفسي والثقافي لا تزال في بدايتها، وليس عيباً أن يكتسب معارفه بوسيلة المحاولة والخطأ، وإنما العيب أن يتحول الخطأ لديه إلى عادة دون أن يدري بخطورة ما يقدم عليه نظراً لعدم وجود من ينبهه إلى ما في تصرفاته من خطأ ،
وإذ كانت فترة الطفولة هي فترة اكتساب المعارف الأولية والإلمام بمبادئ العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية ، فإن فترة المراهقة هي فترة بدء التطبيق العملي لهذه المعارف والمبادئ، فخلال هذه الفترة على وجه التحديد يبدأ الاحتكاك العملي بالمجتمع ، من خلال الانضمام الفعلي إلى تركيبته كعنصر جديد يبحث لذاته عن مكان ومكانة، وإذا كان بعض الشباب لا يحسنون التصرف الاجتماعي ويسيئون إلى العلاقات الاجتماعية بين أبناء مجتمع الأسرة الواحدة ، فالمؤكد أن من يخطئ منهم سيجد رادعاً له في قوانين المجتمع التي تحدد لكل جرم عقوبة ، ودور الأجهزة الأمنية في ذلك محدود ،لا يتعدى ضبط المسيء وتقديمه للعدالة حتى ينال جزاء ما اقترفته يداه . وأجهزة الشرطة لا تألو جهداً في أداء واجبها تجاه المجتمع في هذه الحالات ولكن المشكلة ليست مشكلة أن ينال المخطئ عقابه فقط ، إنها مشكلة هذه التصرفات غير السوية التي تظهر على السطح بين يوم وآخر من شباب في عمر الورود يفترض أنهم أمل المستقبل ، أنماط غريبة من السلوك تجعل المتتبع لما يظهر منها بين وقت وآخر يتساءل في حيرة : مسؤولية من هذه ؟ حوادث دهس تتكرر.. حبوب مخدرة.. ومخدرات في أروقة المدارس والكليات .. معاكسات للفتيات في الشوارع وأمام أبواب المدارس.. تصرفات طائشة هنا وهناك .. وراءها جميعاً شباب في عمر الزهور.. لماذا ؟.لاشك في أننا نعيش عالماً مختلفاً طرأت عليه تغيّرات لا حصر لها ، وسائل الإعلام على اختلافها تزودنا فيه بكل جديد الرديء والجيد.، وتجعل من سلوكيات المجتمعات الأخرى أمراً يدخل إلى حياتنا، بالقوة عن طريق القراءة والسماع والمشاهدة، دور المؤسسات التربوية أيضا طالته يد التغيير فأصبح يكاد يقتصر على التعليم دون التربية ، والأسرة لمستها يد التغيير فأصبح الوقت لديها لا يتسع لأداء دورها القديم خاصة ما يتعلق منه برعاية وتنشئة الأبناء على أسس وطيدة من المبادئ والقيم الاجتماعية، ونعود لطرح السؤال من جديد: هذه السلوكيّات المريضة لبعض الشباب ، مسؤولية من ؟ إنها بالتأكيد مسؤولية مشتركة بين مؤسسات المجتمع العراقي كافة ، لكل منها جانبه من المسؤولية فيها ، مسؤولية الأسرة التي لم تجد الوقت الكافي لتوجيه الأبناء وغرس القيم والمبادئ الإسلامية والاجتماعية منذ الصغر ، ومسؤولية المؤسسات التربوية التي شاءت لها مناهجها الحديثة أن تتحول لمؤسسات تعليمية فقط ، ومسؤولية الحكومة التي من الواجب أن تضع الخطط الكفيلة والدقيقة لرعاية هؤلاء الشباب مع ما يتناسب مع ظروف مجتمعنا.rn
تحت المجهر: سلوكيّات شبابيّة طائشة .. من المسؤول عنها ؟
نشر في: 2 ديسمبر, 2011: 06:19 م