TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كلمات عارية :الخلل الكبير فـي حياتنا

كلمات عارية :الخلل الكبير فـي حياتنا

نشر في: 2 ديسمبر, 2011: 09:08 م

 شاكر الانباري فتحت ملفات مهمة خلال استجواب أمين العاصمة في مجلس النواب، وكانت النقاشات ساخنة، والحجج تقدم ببراعة، سرعان ما يرد عليها ببراعة اشد، كل ذلك للوصول إلى حقيقة ما يشاع عن وجود لصوص ومزورين ومرتشين في مؤسسات الدولة، اعتقدوا أنهم فلتوا من العقاب. وهذا سجال مطلوب كي يتبين الوجه الديمقراطي والرقابي للبرلمان،
ولكي يتعلم الساسة أن الحوارات لا تجري بالبنادق، والمتفجرات، وكواتم الصوت، إنما بالوثائق، والمنطق، والمصارحة، وما على الغرماء إلا أن يكونوا دقيقين، محددين، في نقاشهم وحوارهم دون خطابات انشائية، ومواعظ دينية، وتعاليم اخلاقية. ثمة قانون ينبغي أن يصبح حكما في قضايا الفساد، والارهاب، والتحريض الطائفي، والإهمال، واستغلال المنصب. وبموازاة ذلك عرض اليوتيوب، والفيسبوك، والصحف والمواقع الإلكترونية، شريطا مهولا لامرأة تقف أمام المحققين الأمنيين في قضية قتل. وكنا شهودا على اللغة النذلة، والفجة، في التعامل مع البشر حتى لو كانوا مدانين، وكأننا لم نغادر عتبة الحقبة المظلمة من تاريخنا الدموي. كيف يجري ذلك في مؤسساتنا الأمنية، خاصة والمتهم امرأة من واسط غرر بها، وجلست على الكرسي معصوبة العينين، وسط ثلة من الوجوه الفظة؟ وما أن انتهت جلسات استجواب أمين بغداد، وبدأت اليوتيوب تعرض فلمها عن بذاءات المحققين في واسط مع المرأة المتهمة، حتى سمع العالم انفجار سيارة مفخخة في مرآب البرلمان، وقيل كان الانفجار قذيفة هاون، تسبب بقتل وجرح عدد من الموجودين. وفي اليوم ذاته استهدف انتحاري سجنا في التاجي، وهي أحداث لا يمكن إلا الاعتراف أنها مترابطة بهذه الطريقة أو تلك، وما يربط بينها هو وجود خلل كبير في حياتنا السياسية، والاجتماعية، والفكرية، والثقافية. ويمكن تعداد مئات الأحداث المأساوية التي جرت منذ أسابيع أو أيام، لتأكيد هذا القول، والساعة لدينا تمضي نحو نهاية السنة، حيث الخروج النهائي للأميركان. سيقف العراقيون امام أنفسهم في ادارة البلد. طائفة بمواجهة طائفة، وقومية بمواجهة أخرى، ودين أمام دين. الجميع يتفق على أن الدستور مليء بالثغرات، ويفسر حسب الأهواء والنفوذ والمصلحة.  هذا إن لم نقل إن كل قوة سياسية تفصّله، وتخيطه، وتلبسه، حسب تجارتها الطائفية والمناطقية والمذهبية والقومية، مع الأخذ بالاعتبار بوصلة الأجندات الخارجية التي صرنا تبعا لها. القضاء، كما صرح أكثر من نائب، ووزير ومتخصص، وأكاديمي، ليس مرجعا يعتد به، فثمة نسبة عالية من المشدّات حوله، وهو لا يستطيع تجاوز التوازنات السياسية والاجتماعية في الفضاء العراقي، عدا ما أثير من لغط عن تخبطات ذلك القضاء في المحافظات حسب أهواء الميليشيات والأحزاب والعصبيات القبلية. القوى السياسية باختلاف مشاربها لا تتفق على شيء واضح، وان اتفقت ذات يوم فلا غرابة ان تتراجع عن اتفاقاتها حسب الظروف وتقلبات الأحداث، حتى أن تلك القوى أصبحت تسيّس كل أمر مهما تفه في حياتنا من اجل التغلب على الآخر والتشفي به. لن يكون اتفاق القوى السياسية مرجعية لمحاربة الفساد، والعنف، والطائفية المستشرية، وهذه عناوين المرحلة بكل أسف. وفي حياتنا تمزق، وتشظ، وتشويه، وتعرية، واتهامات، تستخدم فيها الأسلحة كلها سواء كانت حقيقية او مزورة لخنق الغريم السياسي، وإخضاعه، وتركيعه لحسابات سياسية. هي معمعة إذن، المستجوِب والمستجوَب، الفاضح والمفضوح، السارق والمسروق، كلهم يفعلون بنا الشيء ذاته، أو فعلوا الشيء ذاته مرات ومرات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram