اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > بـــدءُ رحـلــتــنـــا أم وصــــولْ؟

بـــدءُ رحـلــتــنـــا أم وصــــولْ؟

نشر في: 3 ديسمبر, 2011: 07:23 م

إلى محمود عبد الوهابياسين طه حافظ أنتَ هنا ! هذا السريرُ شاطئٌ صعبٌ فقد يجتذبُ النائمَ فوقهُ الماءُ وقد تهرب أنتَ منه طالباً ملتجأً آخرَ لا قرارَ فوق هذي الضفة الصخرية البيضاءْ أراك صامتاً
تنظر في وجهي كمن أضاع خاتماً ،كمن رأى عيباً على قميصِهِ ، كمنْ فاجأهُ خذلانْ !خيَبْةٌ هذه أم كَلالٌكأنك تطفو على زورقٍ يا صديقْ .في الظلام العميقْ .نحن لا نسألُ ماذا كسبنا قدْرَ ما نسأل: كم قد أضعنا ؟ تسمع للقطار نازلاً إلى الجنوبِصاعداً إلى الشمال . نازلاً ...،مضَت سنين العمر والقطار نازلاً إلى الجنوب صاعداً إلى الشمال نازلاً ... ولا وصولْ -ما هذه البشرى التي رفّت على وجهكَ فجأة وأنت في حجرتك الفقيرةِ العطوفِ لا كأسٌ ولا رفوفْ ،فهل يمرّ في الغياب وجهُها ،تلك التي ودّعتَها من زمن ..تجتاز كلَّ هذه الأسِرّة تجتاز بؤسَ البصرة المزمنَ كي تراكْ تلمس كفّيكَ ، كما من قبلْ ، تستعيدُ ... ،ثم تسحب اليدينْمكسورةً تعدّل الوسادة !صمتُنا ليس يُكْتَبُيا صاحبي صمتُنا لا يُقالْ ..هل رحلة في الليل بين الله والكتابةتبحث عن بصرتك الأخرى تلك التي تفتح شبّاكاً لمن ترضى تلوحُ خلف القش والأوجاع للآتي المصابيحُ أم أنها تلك القناديلُ التي عرفتَ من زمان صاغرةً في التيهِ ما تزالْ تقرُّ للأصقاع في أضوائها الريحُ؟سيظل هنا بَجَعٌ شائخٌ فوق هذي الصخور المغطّاةِبالنمشِ الأخضرِ منتظراًأن يجَيء الربيعْ –أن تجيء ممرضةٌأن يجيب طبيبٌ يقلّب أوراقَهُوهو ينظر مبتسماً فكأن المخاوفَ تضفي عليه جمالاً وتضفي السحابَ على أوجه الجميعْ ..انتهت الزيارة .هذا القطار واقفٌ في غير ما محطةٍوأنت في سريرك الحديدْتنظر للدنيا من الشباكْ .ظلُّكَ ربما يجلسُ في شقّتك المهجورة الباردةيكتب شيئاً ، ربما خاتمةً لقصةٍ أبقيتَها وربما أرسلتَهُ أنتَ لكي يغيّر السطورَ بعدما اضطرَبْتَ ، بعدما أخافَكَ العبورْ .خيرٌ لنا نوقفُ في الجائحة التفكيرْما ضاع منا ضاعَ للأبدْ ما ظل كي نعيشهُ دقائقاً راكضةً وكالدجاج ننبشُ الحروفْلعلّ حبّةًتمنحنا مهابةً ،تمنحنا سندْ .إنما أنتَ في حجرةٍ ليس تدري نهايتها رجلاً أشيباً بجمال قديمْخافت الصوتِ ممتقعاً ليس غير عقاقير بيضٍوأسئلةٍ ليس تدفع غيماً ولا يدفع  تكرارُها وَجَعاً .كيف أنتَ ؟ لك الصحة. دمتَ . ... نراك بخير.." زبَدٌ زبَدٌ في الضفافْ لمْسَهُ الحب قد غادَرَتْنا ويوم أضَعْنا اللقاءات ضعنا ! أسلِسْ لي القيادَ هذه المرّةَ كي أُخرجَك الساعةَ من مشْفاكَ،دعنا من الأحزانْ ،نمضي إلى غرفتنا ، تعرفُها في "فندق العيونْ "ننسى الذي كان الذي يكونْكأسين، في الثالث نستطيعنجرُّ هذا العالمَ الوضيعْمن قدميه.... للقمامة!إني عرفتُ بصرةَ الأشرعةِ التمورِ والذهَبْ ،أعلم أن فِتْيَةً مرّوا هنا وعلّقوا حلوَ المصابيح لها ،لكنني ،أبقَ على الفراش هادئاً لا أسفٌ ينفعُ ، لا غضَبْ كل البساتين هنا محروقةُ الوجوهْوتلكُمُ المدينة كومٌ من الحجار و الحطَبْ .أبقَ على الفراش هادئاً لا أسفٌ ينفع لا غضَبْ !ما تزال الرياحُ هنا تنزع اللافتات وتلقي بها للخرائبوتعود هنا اللافتاتْوتعود الرياحُ لتلقي بها .. ،أيُّ دنيا مدَمَّرةٍ هذه ؟شوارعُ البصرة لا تجيب عن سؤالْحيثُ أدرتُ الوجهْحزنٌ على البيوت وخِرق ترِفّ في الهواءْكم عمرُ هذا الداءْ ؟لو نترك المكانَ ، شعلةٌ ورديّةٌ هناك تنتظر وزهرة جديدةٌ تفتحت (حين مضيتَ ، برعماً كانت)وما يزال ذلك الكتاب مفتوحاً على المنضدة القديمة.وأنت منفيٌّ هنا في الطابق الخامس، كم؟ نسيت لو تعجّل الخطا ، هذا مكان صامتٌ بلا سببوصاخبٌ بلا سببْدع هذه الجريدةَ الخرقاءَ عجّل الخطا أرى ظلاماً في النهار وأرى سُفٍْناً بلا أشرعةٍتجمّعَتْ وغادرتْ شطَّ العربْ !هل غفوةً أخرى ؟ كأنْ ترقب وجهاً جاءْ كأنما البصرة في حياءْ واقفةٌ في البابْ تخجل من ثيابها الرثّةِ من سحنتها الصفراءْ !أنت تبتسمُ الآن وكأسُك خالٍ ؟تعاتبُ أحزانَك الطارئاتِ لتُقنِعَها بالعدولْ ؟لست أعرف ماذا يدور هنا بدءُ رحلتِنا أم وصولْ ؟خائف أنا من صمتِهِ لو برحنا المكانَ ، فذا طابق موحِشٌتتلاشى عليهِ الفصولْوالشَجَراتُ البعيدةُ لا تتحرك أغصانُها والممرّضةُ العابرة مُتَكَتِّمةٌ لا تقولْ !"انتهت الزيارة .خذْ كوبَ ماء. حَبّةً ثانيةً. أسحَبُ فوقك الغطاءْ."مغادر أنا. حقيقة موجعةٌ أتركها في البابْ :كنا نغطي الوجهَ بالأحلام والكتابةبوَهمَ الفردوسِ في السِباخْ بِضجّة الحياة حولنا وصخَب الطريقْلكننا في آخر الرحلةِ ، نتركَ المحطة :مدينةٌ بعيدة هزيلة الأضواءْنمشي لها منفردينَ ، وحدَنا ،محفظة صغيرةٌ في يدنا ومعطفٌ يصدّ عنّا البردْ،لا فندقٌ ، لا بيتْ ... ......................أوجاعنا واحدةٌ ...، جاء الطبيبُ الآن !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram