عدنان الصالحيrnيفيد تقرير لمنظمة الشفافية العالمية صدر مؤخرا بأن الفساد الإداري والمالي اصبح مشكلة دولية تضرب اغلب دول العالم، غير انه يتباين من دولة لأخرى حسب قوانين وثقافات تلك الدول والطبيعة السياسية للحكم فيها، وكما هو معتاد تتصدر دول العالم الثالث باقي دول المعمورة بتلك الظاهرة لعدة أسباب أهمها طبيعة الأنظمة الشمولية التي تسيطر على مقاليد السلطة وغياب استقلالية القضاء والرقابة ومبدأ فصل السلطات وتكميم وتغييب لدور السلطة الرابعة.
ان لقضية الفساد مخاطر حقيقية تهدد الحريات عموما والاستحقاق الإنساني من حقوق وخدمات، فهو يصادر ويلغي وينقل ما يستحق شخص ما الى آخر نتيجة لأسباب مادية او فئوية او حزبية او عصبية قبلية او دينية ويفرغ ساحات شاسعة لمجتمعات من حقوقها ويكدسها ويضاعفها في اخرى نتيجة لسلوك افراد معينين. وهو بذلك يجعل من المجتمع وأفراده يشعرون بالظلم واليأس والإحباط، فتبدأ منظومة القيم الاجتماعية بالتحلل والتدهور تدريجياً ويعم التسيب في مجالات واسعة بحيث تؤثر على سمعة البلد, مع اتجاه البعض من الذين يعانون من البطالة والفراغ نحو الانحراف والإجرام وما يسببه ذلك من زعزعة الاستقرار الأمني في المجتمع ويساهم في رفع نسبة الجريمة.rnفقد اشارت دراسات اخيرة أجريت لنماذج من دول معينة مثل (تايلند وإندونيسيا والهند وكوريا) أن الحكومات تدفع ما بين 20 و60% زيادة على الأسعار التي ينبغي أن تدفعها، ومرد هذه الزيادة في قيمة السلع هو الفساد, فيما اضطرت منظمات الغوث الدولية في دول أفريقية إلى دفع رشى كبيرة لمسؤولين كبار لأجل السماح بإيصال المعونات إلى الفقراء، ان تلك النسب والطرق للفساد تكاد تكون متشابهة الى حد كبير في دول العالم والفقيرة منها بالخصوص.rnان ماتعانيه اغلب الدول من فساد إداري ومالي يجعل منه تهديد حقيقي لمواطنيها وشعوبها بدل ان تكون الراعي الحقيقي لهم، وهي بذلك تشكل صوراً من صور المافيات العالمية التي تكون الجريمة المنظمة عملها الاساس،غير ان الفرق فيما بين من يقوم بالفساد الحكومي والمتستر عليه وبين المافيات هو الشكل الرسمي للاول والحالة الفوضوية اللارسمية للثاني.rnوقد تكون احد اهم اسباب نشوء المعارضات او النشاطات العسكرية ضد بعض الحكومات ناتجة من ردة الفعل العكسية قبال حالة الفساد الموجودة في تلك الدولة.rnوهي بذلك تساعد على تقليص مدة مكوث تلك الحكومات في مواقعها وهذا يدفعها للاستقتال في تثبيت وجودها فتنشغل بجوانب اخرى كالمحافظة على امن اعضائها على حساب امن شعوبها وتذهب بعيدا عن الاهتمام بالخدمات الاساسية لتهتم بالجوانب الامنية والعسكرية وهي بذلك نتاج لحالة دورية من الفساد والفساد المضاعف.rn أسباب الفسادrnنشرت جامعة كاليفورنيا دراسة مهمة لـ(روبرت كليتجارد) بعنوان "السيطرة على الفساد"، ويلاحظ كليتجارد أن الفساد كموضوع لم يدرس إلا قليلا نسبة لأهميته، ويعتقدون أنه لا يمكن عمل شيء تجاهه.rnلقد اكدت الدراسات العلمية والتحليل النفسي والموضوعي ان اسباب استشراء الفساد المالي والإداري ليس الحاجة الاقتصادية لمرتكبيها.، بل يعود لأسباب عديدة، في مقدمتها:rn1- وجود خلل وانحراف في السلوك ونظام القيم لبعض المتصدين للمناصب المهمة. rn2- الاخطاء في تعيين الموظفين الشاغلين للمناصب وضعف أنظمة المحاسبة والتحري الداخلية.rn3- فساد الجهاز الرقابي اصلاً.rn4- تقييد القضاء. rn5- عدم وجود برنامج حقيقي شامل للمكافحة.rn6- النظام الشمولي في إدارة الحكم.rn7- قلة الوعي الإداري والسياسي في ادارة المسؤوليات.rn8- التغلغل الحزبي في عمل الحكومات.rn9- تسلط الفاشلين علميا وعمليا على المناصب وغير ذوي الخبرة.rn10- الاتساع والتشعب السريع وغير المدروس في دوائر الدولة.rn11- تطبيق القانون بانتقائية.rn12- وجود فساد سياسي يؤسس ويغطي ويحمي مرتكبي جرائم الفساد الإداري.rnالمعالجاتrnإن القضاء على الفساد ليس قرارا يتخذ ضمن مساحة اجتماع معين او شعار يرفع خلال فترة انتخابية محددة لتذهب بعد ذلك الوعود ادراج الرياح، ولكنه منظومة من الأعمال والإصلاحات وإعادة بناء الأنظمة التعليمية والاجتماعية والإدارية والثقافية للمجتمعات والحكومات. rnفالمعالجة تتطلب وترتكز على عوامل اساسية واخرى ثانوية تسلك في ذلك منهجية شاملة تستهدف محاصرته والتعامل مع أسبابه ودوافعه قبل معالجة آثارة ونتائجه، فالفساد يقع عندما تكون الاجواء مهيئة لايجاده واتساعه ومنها الاحتكار والقدرة على استغلال المنصب قبال ذلك لا تكون ثمة مساءلة حقيقية.rn ويمكن إجمال التحصينات الاساسية ضد آفة الفساد بـ:rn1- اتباع برنامج شامل للحماية و المكافحة والاجتثاث تكون مهمته الأساسية التحصين والحماية ويليها التأهيل والإصلاح.rn2- الشفافية الإدارية والمالية والمحاسبة والمتابعة واختيار الأمناء في المواقع المهمة وتعديل نظام المكافآت والحوافز والعقوبات بصورة دورية.rn3- تطوير أنظمة المعلومات والتحري والرقابة وتغيير مواقع اعضائها بشكل مستمر.rn4- العدالة في التوظيف والاختيار وتوزيع المناصب والتنافس عليها. rn5- الإنصاف في الأجور والمكافآت وتوفير فرص الحياة الكريمة للموظفين والعاملين بما يبعدهم عن البحث عن مصادر غير مشروعة لتلبية احتياجاتهم.rn6- انفتاح الحكومة على المواطنين بكثير من الشفافية والوضوح وبط
الفســـاد الإداري... جريمــة منظمــة بلبــــاس رســمـي
نشر في: 30 سبتمبر, 2009: 06:40 م