اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > مدارس شرقيّ العاصمة.. زحام مميت!

مدارس شرقيّ العاصمة.. زحام مميت!

نشر في: 3 ديسمبر, 2011: 07:42 م

 بغداد/ وائل نعمة  عدسة/ أدهم يوسف إشارة مرور .. شرطي بالبدلة الزرقاء .. سيارت تصطف بشكل أنيق .. بالجانب يقف ملعب الشعب بأعمدة الإضاءة العالية والنصب التذكاري للمنتخب الوطني بعد أن حقق لقب بطل آسيا عام 2007 .. قطع السكوت منبّـه إحدى العجلات الواقفة ..
 فتح الضوء الأخضر ، انتقلت السيارات بين اليمين واليسار تسرع في سيرها كحصانٍ حُرر من لجامه. السعي للذهاب  الى شرق القناة حيث الاحياء الفقيرة والمنازل العشوائية يستحق العناء ، يشبه رحلة رجل فضاء الى كوكب غريب ، لم تطأه قدم انسان من كوكب الارض ،  الشعور بأنك في آخر بقعة من بقاع الارض وبنهايتها ستسقط  الى المجهول ، يعطيك احساس بالفخر لأنك أثبتّ عدم صحة نظرية ان  "الارض كروية" ، مشاهد الطين الأسود ( مياه المجاري ) تجعلك تعتقد بأنك اكتشفت صخورا ومعادن غريبة على ارض هذا الكوكب.. تلال من النفايات تنتشر على طول الطريق ، وبعض من بيوت خربة (حواسم ) ، يظهر من داخلها بؤس الحال ، أواني الطبخ الصدئة وأطفال بثياب ممزقة يقفزون فوق أريكة قدمها مكسورة أُسندت بطابوقة (جمهوري)، حتى العربات الخشبية التي تجرها الحيوانات تختلف عما موجود في كوكبنا .. الرجل الذي يقودها محني الظهر واندلقت "الجراوية " امام وجهه المجعّد ، عمره فوق السبعين ، رث الملابس ، يجلس بقربه طفل شاحب الوجه ، حافي القدمين يتعلـّق بشبكة صنعها الرجل العجوز في آخر العربة بشكل عمودي يجمع داخلها كل انواع العلب المعدنية .. إنه (عتاك ) الاسم الشائع على كوكبي للشخص الذي يبحث بين القمامة ويحمل كل ما رُمي في الشارع!ماذا يحدث على ظهرهذا الكوكب؟ غريب أمر هذا الكوكب فالمناطق السكنية – إن صح التعبير – تحولت الى صناعية، وبأنشطة مختلفة ..(سكلات  لمواد البناء ، الرمل ، والحصى ، وشيش البناء)  يعتدي على البيوت وينتهك حرمتها ويصل الى السطوح .. أكشاك مؤقتة يجمع فيها كل شيء عتيق ( سكراب ) ، تفصيخ سيارات ، بقايا أجهزة كهربائية وأثاث مستعمل .وقفنا جانباً لنسأل صاحب بسطية سكائر وضع لوحة خشبية ، رتـّب فوقها مجموعة من علب الدخان ، كنا في نهاية منطقة العبيدي .. كانت نظراته تسرع قبل لسانه بسؤالنا " كيف أخدمكم ؟" ربما لم يكن مرتاحاً جدا للسيارة التي نزلنا منها لأنها عالية بعض الشيء وتشبه السيارات التي تلاحق المسؤول في موكبه الأسطوري – من دون تشبيه – والدليل اننا مررنا قبل دقائق من احدى نقاط التفتيش وبسبب الزحام مررنا بالخط او الطريق العسكري – كما يُسمى -  والعنصر الأمني الذي يقف في نهايتها لم يسألنا عن (الباجات)  – كما هي العادة –الرجل في منتصف العمر ، صاحب البسطية ، أشار الى انهم منسيون في هذه الأحياء ، وأرشدنا الى مقصدنا وهي احدى مدارس منطقة حي النصر.الصدمة الأولى كانت ...بين الأزقة الضيّقة والمنازل المهدمة، في شوارع متعرجة تقطعها بنايات خربة  بُنيت بشكل عرضي .. طرق محفـّرة ومليئة بمياه البيوت التي حوّلت الشارع الى مخازن للمجاري .. اهتدينا في آخر المطاف الى بناية مدرسية اقل ما يقال عنها (آيلة للسقوط ) ، سياج البناية قذر الى درجة لا يمكن ان تعرف لونه الحقيقي ، والنوافذ المطلـّة على الشارع مكسورة ، سألنا احد رجال الشرطة القريبين من بوابة المدرسة عن سبب وقوفنا ؟ رفعنا رؤوسنا ، بينما نحضّر جواباً لسؤاله ، فوجدنا يافطتين قديمتين سقطت منها الحروف .. كـُتب على الاولى مدرسة الايمان الابتدائية ، وبجوارها في اللوحة الثانية مدرسة الزهد الابتدائية. ذكرنا للشرطي بأننا نريد ان نساعد التلاميذ بكشف واقع مدرستهم السيئة الى الجهات الرسمية ليغيروا من حالها .. لم يكن بيده ان يقدم لنا أية مساعدة فالأمر منوط بالإدارة ، استطعنا اختراق البوابة الحديدية الصدئة ودخلنا البهو الامامي للمدرسة .. الصدمة كانت بأعداد التلاميذ في داخل البناية ، الدوام الصباحي لمدرسة الزهد ، وهي ضيفة على مدرسة الايمان (الاصلية ) يربو عدد تلاميذها على الـ1200   يحشرون في سبع عشرة قاعة دراسية ، لا يزيد مساحة الصف الواحد على اربعة امتار طولا وثلاثة  امتار عرضا، بمعدل 85   الى 90  تلميذاً في القاعة الواحدة ، يجلس كل خمسة طلاب على مقعد واحد ، والباقي يفترش الارض ، وفي احسن الاحوال يضع صندوقا خشبيا او (كارتونة ) على بلاط الصف .. الجو في القاعة بارد جدا والرطوبة تعشق جدرانها ، والنوافذ –بالتأكيد – مكسورة ، والهواء البارد كما الاغنية المشهورة لسعدون جابر "الهوى يلعب بالكذلة "!! سألت التلميذات في الصف الخامس الابتدائي اللائي كن محجبات من دون استثناء – ربما أُجبرن على ذلك - هل تشعرن بالبرد ؟ الاجابة كانت ممزوجة بالخجل والخوف من ان تعاقبهم الادارة " نعم نشعر بالبرد ". كيف لا ، وانا شعرت بلسعة البرد منذ وقوفي في باب القاعة التي لم ألحظ إن كان فيها باب ام لا ؟! في دا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram