TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث :عراقُ ما بعدَ الانسحاب

في الحدث :عراقُ ما بعدَ الانسحاب

نشر في: 3 ديسمبر, 2011: 08:06 م

 حازم مبيضين يدرك الساسة العراقيون أن الاستحقاق القادم في بلادهم, بعد انسحاب القوات الأميركية, إذا تم وكان كاملاً, هو استحقاق خطير بكل المقاييس, ولا يبدو ممكناً الحديث عن مستقبل البلاد, دون الأخذ بعين الاعتبار مسألة الانسحاب, التي ستخلف فراغاً أمنياً, لن تملأه تصريحات البعض عن قدرات العراق, الذي سيواجه أخطاراً جديةً, سواء على صعيد نظامه السياسي, الذي فشل حتى اليوم في تحقيق استقرار فعلي,
أو على صعيد الاختراقات التي حققتها بعض دول الجوار، ومكنتها من امتلاك القدرة على استنباط وسائل عديدة, تساعدها على جني المكاسب على حساب العراقيين, سواء تعلق ذلك بأرضهم أو ثروتهم.ستواجه حكومة المالكي إن استمرت بالحكم, جملةً من المصاعب على الصعد كافة, فهي أولاً مطالبة بحل معضلة المحافظات المطالبة بالتحول إلى أقاليم, على غرار ما جرى في كردستان, وإذا كان رئيس الوزراء أكد ضرورة تعديل قانون المحافظات لتوسيع صلاحيات مجالسها، فإن الرد جاء سريعاً من عدة جهات, أمين عام مجلس محافظة صلاح الدين رأى أن الإعلان يحتاج إلى وقت طويل للتنفيذ، في حين أن المحافظات بحاجة إلى قرارات سريعة وحاسمة, لتحسين الخدمات وتوفير احتياجات المواطنين, أما رئيس مجلس محافظة واسط فقد طالب بتوسيع صلاحيات مجالس المحافظات, أو إقامة أقاليم اقتصادية وإدارية, ليتسنى لتلك المجالس تقديم الخدمات للمواطنين، فيما أوضح محافظ الأنبار أنهم ظلوا لفترة طويلة يطالبون بضرورة توسيع صلاحيات مجالس المحافظات، واعتبر إن تحميل تلك المجالس المسؤولية عن تردي الخدمات في ظل صلاحيات محدودة أمر غير مقبول.وعلى صعيد موقع رئيس الوزراء, فإنه سيجابه بالعديد من المصاعب في مرحلة ما بعد الانسحاب, ولعل أبرزها ما يتعلق بصلاحياته الدستورية التي ستتناقص وتتآكل, فيما لو قيض لبعض المحافظات التحول إلى أقاليم  مستقلة مالياً وإدارياً, إضافة للقضايا الأمنية المتوقع انفجارها بعد انسحاب القوات الأميركية, والتي ظلت خلال التسع سنوات الماضية عامل توازن استراتيجي, وهناك أيضاً معضلة كركوك التي لم تحل مشكلتها, ومازال الكرد يتمسكون بكونها ضمن إقليمهم فيما تجادل بغداد بعدم صحة ذلك, وفي الوقت نفسه يطالب تركمان المحافظة, بعدم انسحاب القوات الأميركية, لأنه منذ الإعلان عن نية واشنطن سحب قواتها من العراق, ازدادت وتيرة الأعمال الإرهابية ضد التركمان في كركوك، وفي عموم مناطقهم السكنية الأخرى في العراق. وضع المسيحيين معضلة أخرى, وهم الذين تناقصت أعدادهم في عراق ما بعد صدام بشكل مؤثر, حيث يطالب الاتحاد الأوروبي بقبول حماية دولية هم , طالما أنهم يتعرضون لعمليات خطف وقتل وهجمات على كنائسهم ومؤسساتهم الدينية في بغداد والموصل وكركوك، ودخلت واشنطن على خط  معضلة أخرى تتعلق بالهجرة حيث أعلنت عن بدء برنامج هجرة خاص, لتوفير ملاذ آمن للمواطنين العراقيين الذين وصفتهم بالشجعان، وهم الذين خاطروا بأرواحهم لخدمة الولايات المتحدة, والمقصود بذلك العراقيين الذين يخشون تعرضهم للقتل بسبب عملهم لصالح الحكومة الأميركية, أو الجيش الأميركي في العراق.  وإذا كان ساسة العراق لايخفون مخاوفهم من مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي, فان المؤسف, وهذه أم المشاكل, أنهم لايمتلكون برامج محددة وواضحة لمواجهة ذلك , وجميعهم يتمسك بخطاب سياسي متشنج وعدائي وسلبي، وسيحتم ذلك على المسؤول الأول عن حالة البلاد, مواجهة أزمات ما تزال نائمة, لكنها خلال تسع سنوات لم تكن خاملةً وهي ستتفاعل بعد أن أصبحت أكثر نضوجاً وخطورة، وتحتاج للتعامل معها إلى فريق عمل متجانس, وليس إلى تجمعات جرت فبركة مشاركتها على عجل, وما زالت علاقاتها ببعضها وبالحكومة مبنية على الشك والريبة والتربص واصطياد الأخطاء, وإذا كان عراق ما بعد صدام قد احتاج إلى قادة تاريخيين, فإن عراق ما بعد الانسحاب الأميركي يحتاجهم أكثر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram