وديع غزوانمن حسنات سنوات المرارة والخيبات التي قضيناها في تجارب العمل السياسي ، التي أجهزت على أجمل سنوات العمر، أنها علمتنا التأني في إطلاق الأحكام وأن برامج الأحزاب والحركات وشعاراتها في أوطاننا قد تتغير بل تختلف كلياً عند استلامها السلطة وتطبق بيدها على زمام الأمور،وهكذا فقد آثرنا البقاء مراقبين ورفضنا الانضمام إلى بعض من دعونا للانضمام إلى هذا التكتل أو ذاك بعد 2003 مشاركين في الأحداث كمواطنين داعمين من مواقعنا المتواضعة للعملية السياسية بحسب ما نراه مناسباً ، مع آمال عريضة بأن القادم من الأيام سيأتي بالأفضل ،
ومع قناعتنا بأن الأمنيات وحدها لا تحقق شيئاً في جوانب العمل السياسي ومداخلاته ، فقد صبرنا كغيرنا من العراقيين على ما نراه من سلبيات رافقت عملية الأحداث لعراق ما بعد 2003، لأسباب كثيرة منها حداثة التجربة وتراكم ثقافات قديمة عند أغلبنا ، ترسخ لزعامة الفرد وتدفعه للتفرد والاستئثار تدريجياً وتزين تصرفاته وإجراءاته ، الصحيح منها والخاطئ ، بكلمات المديح والفخر من غيرتفكير لما قد يجره ذلك من ابتعاد عن جوهر هوية العملية السياسية ومرتكزها الأساس المبادئ الديمقراطية ، وإذا أضفنا إلى كل ذلك تحالف الإرهاب بكل أنواعه وأشكاله ومحاولة إشاعة الطائفية في المجتمع أدركنا حجم الصعاب التي واجهت أطراف العملية السياسية في تلك الفترة، غير أن المشكلة أن هذه الأطراف جعلت من هذه القضايا عكازة لتبرير ابتعادها عن المواطنين وطموحاتهم وتمادت أكثر عندما جعلت من المواقع الحكومية والبرلمانية غايات وليست وسائل لترسيخ القيم الجديدة التي يفترض أن تعمل على إشاعتها في المجتمع ، فانتشر الفساد وضاع القانون وانتهك الدستور وتبددت أحلام الفقراء وفسدت ذمم سياسيين وسُيسَت أخطر القضايا وأهمها بما فيها حقوق الإنسان وصارت عرضة للمزايدات ، ما دعا إلى تصاعد دعوات المطالبة بالإصلاح والتغيير التي باتت ضرورية لإنقاذ العملية السياسية من التشويه الذي تقف وراءه ومع الأسف أطراف أساسية ولغايات مرحلية وضيقة ، وإذا سلمنا ـ بحسن نية ـ أن ما جرى ويجري طبيعي جداً في سنواته الأولى ، فإن استمرار نفس النهج بعد ثمان سنوات هو مصدر الخطر الذي يفقدنا فرص الأمل المتبقية في الإصلاح الجذري ، لذا فإن المطلوب من التكتلات السياسية جميعها إعادة النظر في سياساتها ونقد الذات بجرأة ، فالكل ارتكب الأخطاء وكرس للمحاصصة وعرقل قوانين مهمة وخرق الدستور،الكل لم يَصدُق مع الشعب سواء من ارتكب الخطأ أو وافق عليه وسكت، والعبرة بمن يعي ذلك مبكراً قبل فوات الأوان ،لم يعد يهمّنا أن نسمع الوعود كما أننا تجاوزنا مرحلة التصفيق والهتافات وما عادت تنطلي علينا حيل السياسيين ، وعليه فإن صوتنا يبقى عالياً من أجل العراق وشعبه وحتى لا تعود إلى حياتنا مرة أخرى سنوات الخوف وتكميم الأفواه التي ضيعت علينا كمواطنين فرصاً كان يمكن أن نكون فيها متساويين مع آخرين لايملكون حضارتنا ولا ثرواتنا .
كردستانيات: صوت يبقى عالياً
نشر في: 3 ديسمبر, 2011: 08:36 م