TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > فضاءات: الاستثمار السّهل

فضاءات: الاستثمار السّهل

نشر في: 4 ديسمبر, 2011: 06:57 م

 د. مهدي صالح دوّايعادة ما تشكّل الأنشطة الاستثمارية تحدّيا حقيقيا لقدرات الدول في تحويل ما لديها من موارد طبيعية ومادية وبشرية إلى مخرجات صناعية وزراعية وخدمية متنوعة ، ويبقى من أبرز تلك التحديات ؛ الوصول السهل إلى الفرص الاستثمارية من قبل المستثمرين المحليين والأجانب ، إذ عادة ما تبتلى الدول (بطيئة النمو) بتعقيدات إدارية وفنية وأمنية  تحرم شعوبها من التمتع بمواردها ، وإطلاق إمكاناتها الاقتصادية نحو الاستثمار الأمثل ، مما يفضي إلى حقيقة  معاصرة تفيد  بأن ازدهار الدول ليس بما تمتلك من موارد ، وإنما بما لديها من فنون وآليات إدارية قادرة على اقتناص الفرص الاستثمارية لتعظيم العوائد وتدنية الكلف لتلك الموارد .
من هذا المنطلق فإن الاقتصاد العراقي بأمس الحاجة إلى (دخول سهل) ، للتعاطي مع الاستثمار بشتى أشكاله ، بعدما تحسنت مصادر التمويل والرفع التدريجي للموازنات الاستثمارية ، مقارنة بمستويات الأداء المتعثر التي تصعّبها مجموعة الإجراءات والتشريعات والبيئات غير المواتية للاستثمار ، فقد رصد أحد تقارير البنك الدولي المعني بتنظيم الأعمال التجارية ، أن ترتيب العراق وفقا للمؤشرات المبينة على مستوى(181) دولة  كان كالآتي : ممارسة أنشطة الأعمال ( 146 ) ، وبدء المشروع (166) ، واستخراج تراخيص البناء (103) ، وتوظيف العاملين (66) ، وتسجيل الممتلكات (41) ، والحصول على الائتمان ( 16) ، وحماية المستثمرين (110) ، ودفع الضرائب (39) ، والتجارة عبر الحدود ( 78) ،  وتنظيم العقود ( 149) ، وإغلاق المشروع (18) ، وقد عبرت تلك التعقيدات عن ارتفاع كلف دخول المستثمر العراقي إلى الميدان  ، إذ يحتاج إلى ( 3000) دولار أمريكي، وفقا للبنك المركزي ، وأكثر  من ( 3) أشهر ويمر بـ(20) حلقة إدارية  حتى يسمح له  بتنفيذ مشروع ، بينما في كندا مثلا ً فإن الفترة لافتتاح أي مشروع استثماري لا تتطلب سوى يومين  و(100) دولار ، وحلقتين إداريتين .  وعلى هذا الأساس ينبغي التركيز عراقيا على ثلاثة جوانب لتأمين درجة عالية من انسيابية دخول المستثمر  إلى الحقول الاستثمارية ؛ الجانب الأول: يتعلق ببرامج إحصائية  (ميدانية ونظرية) لتأمين درجة عالية من التعاطي الواقعي والدقيق مع الموارد والثروات ، والثاني يهتم بتصميم خرائط وطنية ومحلية تسهم في  تحديد مواقع الأنشطة الاستثمارية ، والجدوى الاقتصادية لها والأفق الزمني المحدد للتنفيذ ، والثالث ينصب التركيز فيه على مبدأ (النافذة الواحدة) ، التي ترفد المستثمر المحلي والأجنبي برؤى وتصورات عن ميادين الاستثمار من خلال تقنيات وبيانات مرئية ، بالإمكان من خلالها اتخاذ قرارات الاستثمار ، وما يتعلق به من أنشطة تخطيطية وتنفيذية ورقابية .إن  تلك الجوانب ستكون فاعلة جدا في حالة وجود خدمات (لوجستية) داعمة للاستثمار ، تتمثل بقوانين مواكبة ، وبنى تحتية نوعية وعادلة في التوزيع إقليميا، ومجمل  تلك الجهود الصعبة تجعلنا نفهم الدرس الاستثماري بسهولة تضمن النجاح.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram