وديع غزوانمثل كثير من المشاريع المهمة، لم تحظ المشاريع السياحية خاصة الدينية، بالاهتمام المطلوب للنهوض بها، رغم ما يزخر به العراق من مواقع دينية وآثارية وسياحية مهمة في مختلف المحافظات،وإذا كان إقليم كردستان العراق قد تميز بتوجهه المبكر للقطاع الخاص واستقطاب العديد من الشركات للمساهمة في تحقيق ما تشهده مدنه من نهضة وعمران بما فيها المصايف
فإنه لم يغفل ما يمكن أن تحققه المواقع الآثارية من مردودات إيجابية تتعدى الجوانب المادية إلى أخرى أوسع أبرزها كشف ذلك المخزون الحضاري لإطلاع شعبها وبقية الشعوب على ما فيه والانفتاح على العالم ، لذلك عقدت عدداً من الاتفاقات مع عدد من المؤسسات الدولية المهتمة بهذا القطاع الحيوي، وحققت نجاحات مشهود لها ويكفي أن نشير إلى ترشيح أربيل لنيل لقب عاصمة السياحة العربية . على عكس ذلك فان محافظات العراق الأخرى تشكو الإهمال رغم أنه ليس هنالك من محافظة تخلو من معلم آثاري أو ديني يمكن إذا ما استثمر بشكل صحيح أن يعكس جانبا من وجه العراق عبر التاريخ إضافة لما يسهم به في حل جزء من مشاكل المحافظات خاصة في امتصاص جانب من البطالة فيها ، ليس من العيب الاعتراف بقلة الخبرة في التعامل مع هذا الموضوع المهم، صحيح أن في العراق كفاءات و علماء آثار رفدوا العالم بنتاجات مهمة، غير أن هذا يختلف عن التعامل مع هذه المواقع بشكل سياحي يدر بمنافعه على البلد ، وهو ما ينقصنا بالتحديد، أي عقلية قادرة على المزاوجة بين الجانب الديني والعلمي والأخر السياحي . قبل أيام جمعتني الصدفة في كلية دجلة الأهلية بأساتذة من جامعة بابل ،من ضمنهم كما عرفت رئيس الجامعة ، وجرنا الحديث عن أخبار التجاذبات التي قرأنا عنها بشأن تطوير آثار بابل بين رأي بعثة فرنسية ومجلس المحافظة واسترسل رئيس الجامعة ليتحفنا بمعلومات ثرة عن ما تحتويه هذه المحافظة وغيرها من كنوز آثارية ومعلومات يجهلها الكثير منا وعن كثير من الأخطاء الشائعة في التاريخ التي تعمد ت بعض الدوائر ترويجها ومنها ما يتعلق بالسبي البابلي لليهود حيث أكد هذا الأستاذ الجليل أن العراق في تاريخه القديم عرف بالتسامح الديني وأن اليهود ما رسوا الزراعة في الأراضي الممتدة من سدة الهندية باتجاه بابل ، وتناول بشكل مختصر عن الكتابة المسمارية للتوراة ، وعن النبي إبراهيم ( ع ) وغيرها . وختم كلامه قائلاً : إن العراق يمكن أن يستقبل سنوياً آلاف السياح من اليهود والمسيحيين ويعرفهم بتاريخه الصحيح ، لم أكتم مثل غيري من الجالسين حسرتنا على هذا الإهمال لمواقعنا الآثارية وتمنياتنا أن يصار إلى التفاتة حقيقية لها من قبل المركز والحكومات المحلية والتوجه جدياً إلى الاستفادة من كفاءتنا في هذا القطاع والانفتاح على المنظمات الدولية لمساعدتنا وفق برنامج أكثر ما يحتاجه إشعار تلك المنظمات بأنها مرحب بها في العراق بصدق وبعيداً عن تعقيدات الروتين الذي يحرص المفسدون على إشاعته في كل مفاصل حياتنا، لا أملك إلا أن أشكر وفد جامعة بابل على ما أتحفنا به من معلومات قربتنا من السياحة وأبعدتنا قليلاً عن السياسة و همومها .
كردستانيات: ليسَ بعيداً عن السياسة
نشر في: 4 ديسمبر, 2011: 07:25 م