حازم مبيضين rnتتواصل المعارك بين الحوثيين المتهمين بالطائفية، وبين القوات الحكومية، في ظل الإصرار الحكومي على اعتبارهم جماعة مخربة مدعومة من إيران، وإصرار الحوثيين على الاعتراف بحركتهم كحزب سياسي وضمان حق التعليم لأبناء المذهب الزيدي والاعتراف به مذهباً رسمياً إلى جانب المذهب الشافعي.
ومع استمرار دوي المدافع وتزايد أعداد الضحايا تثور المخاوف من أن تأخذ هذه الحرب المنسية عربياً صبغة دولية في ظل الاصطفاف اليمني مع أميركا، وفي ظل المخاوف السعودية من أن تكون قيادات الثورة الإيرانية داعمة للحوثيين، إضافة إلى أن صنعاء تواصل التشديد أن الحوثيين أتباع حزب الله وإيران، وأن إيران وليبيا تمولانهم.rnوتتزامن الحرب ضد الحوثيين مع تدهور الأوضاع في جنوب البلاد، الذي يشعر أهله بالقهر السياسي والتهميش، ويطالبون بتحسين أوضاعهم المعيشية. ويزداد الوضع سوءاً مع فقدان حكومة الرئيس علي عبد الله صالح لرؤية سياسية ناضجة، تقوم على المواطنة والمساواة، ولجوئها إلى الإفراط في القمع. وهكذا فان السلطات اليمنية تواجه معضلتين مسلحتين، وليس من مخرج سوى اللجوء إلى قيام دولة مدنية يلتزم حكامها بالدستور والقوانين التي تضمن حرية المواطنين، وتخلق علاقة انتماء وفق مبدأ المواطنة، وذلك وحده الكفيل بتعميق الاندماج الاجتماعي والوطني والشعور بالهوية المشتركة.rnحرب الحوثيين العبثية في طبعتها السادسة تضر بمصالح اليمن بالتأكيد، ويستفيد منها أصحاب اجندات طائفية وتجار حروب من جانب آخر. والثابت أن الدولة اليمنية ليست قادرةً على أن تحسم الأمر لصالحها، ولم تستطع أن تخلق ظروفاً اجتماعية مناهضة للحوثيين، وتمنع عنهم الغطاء الشعبي، وتقلل من أنصارهم، فواقع الأمر يؤشر إلى تزايد أعداد الحوثيين، وتزايد مصادر تمويلهم وتسليحهم، وكلما هدرت المدافع أكثر، كلما ازدادت الكلف على المجتمع اليمني اجتماعيا وبشريا، وسيؤدي ذلك دون شك إلى شرخ عميق في نفوس وثقافة أبناء المناطق التي تدور فيها المعارك وخصوصا المتضررين من الحرب بشكل مباشر، وآخر ذلك وفاة ثمانين مدنياً بريئاً في قصف جوي لمنطقتهم في محافظة صعدة. rnحرب اليمن تستنزف موارد مالية كانت حكومة صالح تعلن عدم توفرها لتأمين شراء القمح والعلاج والتعليم والضمان الاجتماعي. ويطرح هذا سؤالا إن كانت مهمة السلطة في اليمن تتوقف عند حدود شن الحروب الداخلية، مع تجاهل دورها المجتمعي والتنموي، والمدهش أن من تشن صنعاء الحرب ضدهم اليوم هم من دعمتهم سابقاً في إطار محاولاتها ضرب الجماعات السلفية ببعضها، ونتيجة لذلك الدعم تحول الحوثيون من حركة فكرية إلى سياسية وعسكرية، تمترست في محافظة صعدة الشمالية، مطالبة بالموافقة على اعتمادها كحزب سياسي مدني وإنشاء جامعة معتمدة في شتى المجالات المعرفية، وضمان حق أبناء المذهب الزيدي في تعلم المذهب في الكليات الشرعية، واعتماد المذهب الزيدي مذهباً رئيسياً بالبلاد إلى جانب المذهب الشافعي. rnالرئيس صالح يستند في حربه هذه الى القوة العسكرية التي جرى تحديثها وربطها به بشكل مباشر، مثلما يستند إلى شرعية انتخابه، وهو يحظى بمساندة بعض الأحزاب والتحالفات القبلية من خلال توظيفه لأموال الدولة في استمالتهم، ولن يكون ذلك كافياً لحسم الحرب الراهنة والحروب التي ستليها فهو مطالب بإجراء حوارات صادقة مع مختلف التنظيمات الحزبية والقبلية ونشطاء المجتمع المدني والمثقفين والأكاديميين وممثلي النقابات، لإعادة بناء الدولة وتجديد صورتها، وإعادة الاعتبار لمشروعية نظامها السياسي، ولن يكون مجدياً اللجوء الى القوة المفرطة وإتباع سياسة الأرض المحروقة في بلد ما يزال فيه الثأر مكوناً رئيساً في عقلية المجتمع والأفراد، مثلما لن يكون مجدياً تكرار محاولات تدويلها.
اليمن يدخل الطريق المسدود
نشر في: 30 سبتمبر, 2009: 06:57 م