ابتهال بليبل حياة فتاة واحدة تضيع كل (20) ساعة في محرقة نساء كردستان العراق، وخُمس نساء العراق إجمالاً يتعرضن للعنف الأسري... هكذا جاء الخبران في وقت مقارب، والواقع إنهما يستحقان منّا بعض التوقف، لا لسرد ( الفضاعات) التي ترتكب بحق النساء من قتل وحرق واغتصاب وإذلال، بل لإعادة النظر في الدور الذي لعبته المرأة خلال الأعوام الأخيرة.. وأتساءل أي دور هذا الذي مكّن الرجل من اعتلاء منصة القضاء عليها؟!
ولو فرضنا جدلاً أن كل (20) ساعة تحترق فتاة، فمعنى هذا (8) فتيات كل أسبوع و(34) فتاة كل شهر.. باعتقادي أن لهذا الأمر مدلولاً خطيراً، وإلا ما هذه الشهية العجيبة في انتحار الفتيات حرقاً.. ولن أصف كيف ولماذا تعمد فتاة لحرق نفسها.. ولنترك أسلوب الانتحار الذي اختارته هؤلاء الفتيات، ونلتفت إلى مئات الوسائل الانتحارية التي اختارها المجتمع لنا، بدءاً بتعداد الذين اغتالوا إنسانيتنا، مروراً بالأصدقاء الذين طعنونا، ونهاية بالأمم التي تآمرت علينا..وأتساءل لماذا نحتار في قضية الانتحار حرقاً، في الوقت الذي يتابع فيه المجتمع هجماته المتتالية على المرأة، ومطالباته بحقوقها كسيل من الوقود، ليستكمل الرجل المسألة بعود ثقاب واحد- ولكل امرأة منّا عود ثقاب - وينتهي الأمر..ألا يخجل هذا المجتمع من تلك المحارق التي ينصبها للمرأة، في وقت لم يمنحها أي بديل في اختيار غير محرقته، وأعود لأتساءل هل بالضرورة أن يكون هنالك جسد فتاة يحترق حتى يكون هناك موت؟! فلنوقد لهن في الشوارع محارق، ونوقد للسنوات القادمة محارق تلتهم تاريخ المجتمع الطويل في قضايا المرأة، وليتخذ كل رجل محرقة في داخل بيته.. ليحرق أمه وشقيقته وزوجته وابنته.. ولماذا لا نشعل المحارق في كل زاوية من الوطن الآن؟! فربما لن يكون لنا حتى زاوية ننصبها عليه.. إذا ما بقي المجتمع يسعر نيران الحرائق هكذا! هذه ليست المرة الأولى التي يمدنا المجتمع بمثال يذكرنا بدور المرأة الحقيقي فيه، الدور الذي لا تمارسه المرأة إجباراً، فعقلية المجتمع واحدة والحوار معه بات لا يستحيل إلا بحرق الجسد..والواقع يقول إن عدم التسليم ( بحرية اختيار القرارات ) هو السبب الأساسي لتلك المحارق النسائية ولذلك العنف الأسري، وعلى ما يبدو فإن الجهات التي ذكرت هذه الإحصائيات، قلما تأخذ هذا بنظر الاعتبار، وقلما تدرك عجزها، هل يكفي أن ننادي بترك استنكاراتنا المفتعلة لمثل هذه الوحشية المرعبة للمفاهيم الإنسانية.. ثم ماذا ؟.. لم نعد أي دراسة موضوعية، ونكتفي بتسجيلها في أجنداتنا، حتى لا تفوتنا فرصة الإفادة منها في مشاريع منظماتنا وجمعياتنا، منظمات المجتمع المدني التي تتباكى على نسائنا ساعة وقوفها أمام خزائن الغرب الداعمة.
عثرات أنثى :لكل امرأة منّا عود ثقاب!
نشر في: 7 ديسمبر, 2011: 05:56 م