ســـلام خـــياطمثلما تابع الملايين في الشرق والغرب فصول السقوط الدرامي المريع لحكم حسني مبارك وعائلته ورهطه، وحيثيات محاكمتهم، كذلك تابعوا و بالترقب ذاته فصول الانتخابات الأخيرة التي أُجريت في مصر، وأعلنت نتائجها الكارثية، بين زغرودة من ثلة، وتنهيدة طويلة من الثلل الأخرى.
دي..مو..قرا..طية. كلمة عويصة،مستوردة، طالما سخر منها ومن تجلياتها ربيب الألقاب والكنى (معمر القذافي)مؤكدا إنها تعني (ديمو كراسي) أي ديمومة الكراسي، وديمومة الجالسين عليها – طبعا.. والكلمة المستوردة من الأبجدية اليونانية، تعني حكم النخب الأرستقراطية المتعلمة، للعامة والرعاع من الشعب، والنخب عندهم تعني السادة والعامة تعني العبيد، ثم تطور المفهوم بين جر وعر، وتفسير وإعادة تفسير، وصار كعصا موسى، حتى وصل إلينا بثوبه الفضفاض: حكم الشعب بالشعب. يقيناً، ما من انتخابات بلا شائبة – شوائب –بلا تزوير، او تحوير أو شبهة، حتى في ما يطلق عليها معقل الديوقراطيات إنكلترا. شكك البعض من نتائج الانتخابات الأخيرة، التي حيل بين الناخبين ومراكز الاقتراع بحجة نفاد الوقت، ولم تشفع للمحتجين حججهم الثيوتية. ولن ينسى المخضرمون المشهد الأخير، في تلك الانتخابات الأميركية التي خسر فيها (آل غور) تلك الخسارة المحاطة بالشبهات، ومغادرته القاعة مجللا بالخيبة والخذلان،ولسان حاله يقول: اللعنة، انها ليست سوى لعبة الكبار.في خضم الإنتظار والتوقع ونجيع الدماء التي لم تجف بعد، ضجت وسائل الإعلام المحلية والعربية بالإشادة بشفافية الانتخابات الجارية بمصر، ونزاهتها وحيادية المشرفين على تنظيمها، ثم حدث ما لم يكن بالحسبان، إذ تبين إن الرقم الذي جادت به الانتخابات للمشاركين هو 62% وهي نسبة لا يستهان بها ولا بمدلولاتها القريبة والبعيدة.... إلا إن الأمر انقلب بين عشية وضحاها، إذ أعلن عن خطأ (بسيط) حدث ساعة إيراد الرقم، وإن الرقم الصحيح هو: 42%، وهو رقم بليغ الدلالة، إذ هو أقل من نصاب النصف.لم تشفع كثرة الإعتراضات، من إن بعض الصناديق فـُقد، وبعضها طالته يد العبث، وإنحازت المحكمة العليا – أخيرا –وأصدرت حكما لصالح المعترضين، معترفة إن الجولة الأولى شابتها الشوائب، وأصدرت قرارها النهائي غير القابل للطعن،مؤكدة على النسبة الأخيرة للمشاركين: 42%.والآن.. بعدما فجعنا بما آلت إليه الانتخابات الأخيرة في العراق والمماطلة والتسويف في إعلان النتائج النهائية، بعدما سمعنا عما يجري في انتخابات تونس،واليمن، وليبيا والسودان، وعما سيجري – قريبا – في سوريا وجاراتها، يطل سؤال وجيه – بكل وقاحة الأسئلة المصيرية وجرأتها: ما البديل عن ديموقراطية الانتخابات كأنجع وسيلة للحكم؟الجواب: لا بديل عنها إلا ديموقراطية الانتخابات.. بشرط تعجيزي مستحيل..شرط انتفاء المصالح الشخصية والحزبية.. شرط أن يكون المرشح قديساً والناخبون من فصيلة الملائكة.
السطور الأخيرة: نقيع التمر، مذاقه خـل وحنظل
نشر في: 7 ديسمبر, 2011: 10:34 م