عامر القيسي فرصةٌ جديدةٌ من ذَهب أمام الطبقة السياسية الحاكمة لأن تتصالح مع جمهورها الذي اتسعت هوة الثقة بينه وبين ممثليه عبر صناديق الاقتراع، فرصة لأن تقف موقفا جديا مسؤولا وطنيا امام استحقاقات المرحلة القادمة ، وهي مرحلة تتسم بالكثير من الاحتمالات الخطيرة ، بل بالغة الخطورة ، لان أبوابها مفتوحة على كل الاحتمالات، والقوى التي تترصدها كثيرة البعض منها محسوب على العملية السياسية ومشارك فيها،
وقوى أخرى تخطط لإجهاضها بحسابات الفراغ الأمني والخلافات السياسية التي استحكمت بين الطبقة السياسية الحاكمة والتي انعكست سلبا على مجمل المشهد السياسي والاجتماعي والأمني. الفرصة هي أن يجلس الجميع حول أي شكل من أشكال الطاولات وعلى أي شكل من أشكال المؤتمرات الوطنية، لكي يعالجوا تعقيدات الوضع السياسي ومشكلاته واختلافاته وتقاطعاته بعيدا عن التدخلات الخارجية والتخندقات الطائفية المقيتة واستحكامات عقلية المحاصصة والنظر إلى الوضع الحالي باعتباره كعكعة يتوجب تقاسمها بالمقاسات الطائفية والقومية والمناطقية. الشيعة والسنة والكرد والتركمان والمسيحيون وغيرهم من الطوائف والقوميات وغير الراغبين لكل هذه الانتماءات سيخرجون بحصيلة انتصار المشروع الوطني لصالح كل حقوقهم لو أن طبقتنا السياسية الحاكمة أفادت من هذه الفرصة التأريخية لوضع العراق والعراقيين على السكة السليمة والصحيحة، وهذه الفئات نفسها ستدفع ثمنا غاليا لو أنها تصرفت بعقلية المقاول وليس بعقلية الاحتراف السياسي الوطني للخروج من الأزمة السياسية الخانقة التي يعانيها الجميع من دون استثناء. الجميع يعرفون جيدا أن الكراسي زائلة، وإذا كانوا قد نسوا كراسي صدام وعصابته فان الدليل القوي الحاضر والمتواصل هو مشهد كراسي الدكتاتوريات التي تتهاوى على أيادي شعوب الربيع العربي وتلك التي تنتظر السقوط. الاحتكام إلى الدستور هو طريقنا السليم وان اختلفنا عليه، علينا الالتزام به حتى نستطيع تغيير المختلف عليه في بنوده، وهو الوحيد القادر في هذه المرحلة الحرجة على إنقاذنا حقيقة من الورطة السياسية التي ورطتنا بها طبقتنا السياسية لأسباب تعرفها هذه الطبقة جيدا وبيدها وحدها أن تنقذنا من هذه الورطة التي ابتعدت كثيرا عن المشاغل الوطنية والحياتية ومصالح الجماهير التي اثبتت في كل المواقع استجابتها الايجابية لمتطلبات أي مشروع وطني حقيقي وقدرتها على ان تقدم نماذج متقدمة ونوعية مبهرة تساعد الطبقة السياسية الحاكمة على أن تتقدم خطوات إلى الأمام. أمام هذه الطبقة مهمة الانتقال إلى تطبيق شعارات المشاركة الحقيقية في اتخاذ القرارات المصيرية وأمامها فرصة التخلص من وطأة التأثيرات الخارجية بسبب وجود القوات الأجنبية، وهي المسؤولة وحدها لا غيرها عن نقل البلاد من معترك الخلافات إلى معترك تحقيق الأمن والشروع في الإعمار والبناء الحقيقيين، بعد أن تلاشت حجج الاحتلال والسيادة المنقوصة واستخدام السلاح لـ "المقاومة" بما فيها القوى المشاركة في العملية السياسية التي أعلنت أن انخراطها الكامل بالعملية السياسية متوقف على وجود القوات الأميركية. الآن سترحل هذه القوات فهل سنرى طبقة سياسية تستثمر هذه الفرصة إلى حدودها القصوى أم سنشهد المزيد من الصراعات على خلفية البحث عن امتيازات جديدة!!
كتابة على الحيطان :فرصة ما بعد الانسحاب الأميركي
نشر في: 9 ديسمبر, 2011: 09:28 م