TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نص ردن: درس هنــدي

نص ردن: درس هنــدي

نشر في: 9 ديسمبر, 2011: 09:49 م

 علاء حسن من توفرت له فرصة السفر إلى الهند لغرض السياحة أو العلاج أو التجارة عاد بالعجائب عن صفات وطباع الشعب الهندي، ومعظمه يعيش تحت خط الفقر، ويعاني الكثير من المشاكل المتعلقة بالسكن واستكمال التحصيل الدراسي، ومن عجائب الهند بنظر من زارها من العراقيين أن شعبها لا يعرف السرقة، وان العاملين في مشافيها ومراكزها الصحية لا يقبلون الهدية، ويصفونها بأنها استهانة بعملهم الإنساني الذي لايقدر بثمن ،على الرغم من قلة أجور العاملين .
من عجائب الهند   الأخرى بنظر العراقيين أيضا ان شعبها لا يعرف "الكلاوات والتقفيص"  اما العاطلون عن العمل من الشباب فهم على استعداد لتقديم المساعدة مجانا لمن يطلبها كحمل الحقائب أو دفع عربة المعاقين ، وتحت إلحاح الكرم والسخاء  العراقي يقبل الشاب الهندي ثمن خدماته بمبلغ اقل من 250 دينارا، ويبادلك الابتسامة ان سمع منك كلمة (شكرا)، بعد أن حمل أمتعتك لمسافة طويلة لحين الوصول الى محل  إقامتك .الهندي يحرص على انجاز واجبه في موقعه الوظيفي بكل جد وإخلاص، ويرفض الرشوة، يعمل بصمت وبشكل دؤوب، ويتكلم بصوت منخفض مع المراجعين ويخاطبهم بلطف، وبابتسامات عريضة، لا يعرف الغضب، مزاجه رائق ووجهه بشوش غير متجهم، ينجز المعاملة بدقائق، وهذه واحدة من العجائب بنظرنا نحن أسود الرافدين، وأصحاب أول مسلة قانونية في التاريخ، وأول من علم البشرية الكتابة، وأول من شيد المدن، وأقام الجسور واكتشف العلوم، وأول بلد في قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم، وهذه واحدة من العجائب العراقية بنظر الهنود.من اجل أن يستعيد العراق ريادته في الأولويات  كما كان قبل عصور ما قبل التاريخ، لابد من ان يستفيد من الدرس الهندي في تطوير الأداء التنفيذي، عبر ايفاد الموظفين الى الهند للتعرف على اسلوب زملائهم هناك في انجاز المعاملات، واخذ الدروس والعبر الاخلاقية عن مخاطر الرشوة، وتأثيرها في استشراء الفساد المالي والإداري، وبعد عودة الموفدين من الهند من الضروري ان تقوم الدوائر الرسمية بعقد ندوات لتسليط الضوء على التجربة الهندية وتفوقها على أساليب الحكومة الالكترونية في إنقاذ الملايين من الروتين والمخاطبات والتواقيع والهوامش .الأداء الإداري العراقي العليل منذ عشرات السنين أصبح اليوم طريح الفراش ، لا تنقذه إجراءات النزاهة ولا رقابة مكاتب المفتشين ، وما يقال عن مشروع الحكومة الالكترونية مجرد حديث للتسويق الإعلامي على طريقة الـ"100" يوم،  فمعظم دوائرنا لا يتوفر فيها التيار الكهربائي،  جدرانها ملطخة بحبر "الاسطمبة"، ووجوه موظفيها تذكرنا بفرق اعدام الهاربين من جبهات القتال ايام القادسية الثانية ، ومباني الدوائر أشبه بثكنات عسكرية لكتائب الجيش العثماني، ومرافقها الصحية مغلقة امام المراجعين ، لانها مخصصة للمدير ورؤساء الأقسام والرفيق الحزبي مسؤول أمن الدائرة، والعراقي التعيس من يدفعه حظه العاثر لمراجعة إحدى  الدوائر الرسمية  لانجاز معاملة عقار او سيارة او الحصول على بطاقة سكن،  سيرى نجوم الظهر للحصول على  كتاب صحة صدور وهذه واحدة من العجائب العراقية بنظر الهنود عبدة البقر .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram