بغداد / قيصر البغدادي محمد وزملائه شباب في مقتبل العمر، بعضهم انقطع عن الدراسة في مراحلها الأولى والبعض الآخر يحمل شهادات جامعية , حاولوا إيجاد فرص عمل تسد احتياجاتهم فلم يجدوها ,فقرروا الدخول في معترك حياة يحتاج إلى كثير من الصبر والتحدي ، إنها مجموعات من الشباب أصبحت تتواجد يوميا في ما يسمى (مساطر العمال) وقد تركوا الخجل جانبا يحدوهم الأمل بأن يجمعوا مع مرور الأيام من المال ما يغنيهم عن هذه المهنة التي يصفونها بالصعبة والضارة .
عندما اقتربنا منهم لمعرفة أسباب لجوئهم إلى هذه المهنة، فضل البعض الابتعاد عنا بمسافة قصيرة، بينما كان بعضهم متحمسا للحديث عن عمله معتزا به لأنه عمل شريف ونقوده حصيلة جهد وعرق ،بدأنا الحديث مع أحد الشباب الذي يعمل في صبغ المنازل وقد تحدث لنا محمد ( 24 عاما ) عن مهنته وقال :أعمل صباغا,وقد لجأت إلى هذا العمل نتيجة عدم توفر أي عمل آخر , فالشباب اليوم ليس أمامه من خيار سوى العمل في هذا القطاع , والقليلون منهم يعملون بالتجارة لأن هذه الأخيرة تحتاج إلى رأس مال , ومن يرد العمل بالتجارة فعليه جمع مبلغ، وذلك لن يكون إلا من خلال العمل في البناء لمدة سنوات لأن ما يجمعه يصرفه على نفسه وعلى عائلته،مضيفا: إنه عمل شاق له تأثيراته الصحية كأمراض الصدر ووجع العضلات، الشاب يحتاج إلى الشجاعة والصبر ,فهو يأتي إلى هذا الميدان ولم يتعود على العمل .أما حيدر كاظم (22 عاما ), فقد تحدث عن اضطراره إلى العمل في هذا الميدان وقال :لقد قررت العمل في هذا الميدان بعد أن وجدت الأبواب موصدة أمامي , فأنا لم أكمل دراستي , وحتى لو كنت قد حققت ذلك فإن مستقبلي سيبقى مجهولا, إني أرى المئات من الخُرِّيجين الذين يقومون بأعمال حرة وقد عزفوا عن العمل في مؤسسات الدولة التي تعطيهم أجورا لا تكفي لسد حاجاتهم وحاجات عائلاتهم، إنه عمل صعب ولكن لا غنى عنه . فراس شاب هو الآخر قال: إن الملجأ الأخير للحصول على الأموال لسد حاجاته هو العمل في البناء وتابع قائلا:قد يتساءل البعض, لماذا لجأ الشباب إلى هذا العمل وهو عمل مجهد ويؤثر على الصحة، لكن الجواب بسيط، وهو أنه لا توجد فرص عمل ولا قطاعات شغل , هناك العمل في بعض القطاعات الأهلية ولكن عائدها المادي ضعيف ولا يستجيب لمتطلبات الشباب , فأنت شاب لابد من أنك تفكر في الزواج، وهذا الأخير يحتاج إلى أموال كثيرة ولديك عائلة تساعدها , (العمَّالة) هي العمل الوحيد الذي يعود بالفائدة عليك خاصة بالنسبة للذين لا يعولون على أحد ليساعدهم. البناء.. المهنة الأسهل لكنها تحتاج إلى الخبرةواحد من هؤلاء الشباب أصبحت لديه خبرة طويلة في هذا المجال يقول :أعمل في البناء لأن مردوده المادي أفضل من عمل آخر , أقوم بجميع الأعمال التي تتعلق بالبناء ،وقطاع البناء لديه مشاكله الخاصة التي تتعلق بطبيعة التعامل مع المواطنين الراغبين في إقامة أبنية والتي غالبا ما تحل بطريقة سلمية عن طريق الحوار والتفاهم ، أحد عمال البناء الشباب يتحدث عن هذا الموضوع ويقول :هناك مشاكل أخرى يعانيها العمال , وتتمثل في المنافسة من قبل عمال آخرين يقومون بالعمل بأجور أدنى،يحدث خلاف أحيانا بيننا وبين بعض المواطنين حول أسعار وتكاليف العمل، ومسألة توفير المبلغ المستحق بعد استكمال العمل , فالنقود تكون غير متوفرة، وأحيانا يعطون للعامل نصف المبلغ ويبقى الآخر دينا، لكن هذه المشكلة تحل بالتفاهم ويتم تسديد المبلغ المتبقي مع مرور الوقت . أجرة اليد العاملة .. مقياس العمل هو الإتقان لا توجد مبالغ محددة متفق عليها تدفع لليد العاملة لقاء عملها، وتبقى اليد الماهرة هي الأوفر حظا بالظفر بأكبر مبلغ , أحمد يتحدث عن الاختلاف في أجور العاملين ويوضح أسبابه قائلا : أجور العمال غير موحدة لأن العملية غير منظمة لكنها متقاربة , الناس ترغب في العامل الذي يتقن عمله , فعندما يرى أحد أن عملك جيد ومتقن تستطيع أن تحدد المبلغ الذي تريد , يأتيك أحد أحيانا ويسألك عن تكاليف البناء , وعندما تقدر له ذلك يظهر استغرابا, قد يكون المواطن ليس على إطلاع بهذه الأموروهذا يؤدي إلى عدم الاتفاق .
شباب في أعمال صعبة: البطالة موت لا نريده
نشر في: 10 ديسمبر, 2011: 08:05 م