□ بغداد/ مصطفى حبيبأنهى الجيش الأميركي في الأسابيع القليلة الماضية خدمات المئات من المترجمين العراقيين الذين عملوا معه لسنوات. ويواجه هؤلاء اليوم مخاطر أمنية كبيرة داخل البلاد فضلا عن رزوحهم تحت وطأة البطالة.
بعضهم هاجر إلى إقليم كردستان الآمن بانتظار حصوله على عمل جديد وبعضهم تخفّى عن الأعين ريثما تصله تأشيرة الهجرة إلى الولايات المتحدة. "مطلوب مترجمين"، كان أحد أكثر أشكال الإعلانات شيوعا في الصحف العراقية الصادرة قبل ثماني سنوات، فمنذ أن غزت القوات الأميركية بغداد وأسقطت نظام صدّام حسين، وحاجتها إلى متحدثي اللغة الانكليزية في مختلف المجالات وخصوصا المترجمين، في ازدياد مستمر. لكن ومع قرب رحيلها، بدأت الحاجة تنتفي لمعظم هؤلاء الذين تتهددهم اليوم عمليات تصفية جسدية بتهمة الخيانة والعمل مع قوات الاحتلال. الأمن الشخصي بات هاجسا للشاب ريمون، وهو مترجم آشوري عمره 32 عاما، واحد من مئات المترجمين الذين عملوا مع الجيش الأميركي لغرض تحسين أوضاعهم المعيشية الصعبة بعد الحرب أو لزيادة خبرتهم في هذا المجال أو كما في حالته تحديدا؛ طمعا في الحصول على تأشيرة هجرة إلى أمريكا. ويقول هذا الشاب الذي كان يعمل في قاعدة بلد الجوية في مدينة صلاح الدين قبل أن ينسحب منها الأميركيون وتسلم إلى القوات العراقية، إن "الجيش الأميركي خذلنا. لقد قاموا بإنهاء خدماتي مع العشرات من زملائي دون أي ضمانات أو حماية". ويضيف "أصبحنا مستهدفين من الميليشيات والمسلحين الذين يعتبروننا جواسيس وخونة ومكروهين حتى على المستوى الاجتماعي". ريمون ليس الاسم الحقيقي لهذا المترجم، لكنه الاسم الذي اعتاد أن يستخدمه طوال أربع سنوات عمل فيها مترجما، "فقد كان هناك تقليد بأن يختار من يعمل مع الأميركان اسما وهميا ليتم مناداته به أثناء العمل"، وأضاف: "نحن لا نكشف أسماءنا حتى أمام زملائنا إلا بعد حصول الثقة الكاملة بيننا". ولا تتوفر بيانات حول عدد المترجمين الإجمالي منذ بدء الغزو أو العدد الحالي، لكن المتحدث باسم القوات الأميركية في العراق اللواء جيفري بيوكانن قال في تصريح نقلته الوكالة الفرنسية للأنباء أن حوالي تسعة آلاف عراقي كانوا يعملون في مجالات عدة مع الجيش الأميركي حتى شهر تموز ويخسر هؤلاء وظائفهم مع الانسحاب الأميركي نهاية 2011. وبحسب ريمون، يصنف المترجمون العاملون مع الجيش الأميركي إلى ثلاثة أصناف تبعا لدرجات الثقة أو التصاريح الأمنية التي تمنح لهم. فيندرج الصنف الأول تحت مسمى "سري للغاية" وتمنح لفئة قليلة من المترجمين وهم عراقيون وعرب حاصلون على الجنسية الأميركية قبل عام 2003، ويكون عمل هؤلاء داخل القواعد العسكرية ومهمتهم ترجمة وثائق غاية في الأهمية. أما الصنف الثاني فهم مترجمون عرب لا يحملون الجنسية الأميركية وهؤلاء أيضا يقيمون بشكل دائم في القواعد العسكرية ويكون عملهم الأساسي الترجمة للقادة العسكريين للجيش الأميركي خلال لقاءاتهم مع قادة الجيش العراقي والمسؤولين في الحكومة. الصنف الثالث، ومنهم ريمون، هم "الأقل حظوة بثقة الأمريكيين" على حد قوله، وهم المترجمون العراقيون، ويكون العمل الميداني أساس المهام المناطة بهم. ويرافقون الوحدات العسكرية الأميركية الميدانية أثناء عمليات التفتيش والدوريات التي تقوم بها داخل المدن والأحياء الساخنة، وهذه الفئة الأكثر تضررا من عملية الانسحاب الأميركي. وينتظر ريمون ومعه مترجمون آخرون مكالمة من السفارة الأميركية في بغداد قد تغيّر مجرى حياتهم. فالقوانين الأميركية تمنح المترجم الذي يعمل عاما كاملا مع القوات الأميركية في العراق "تأشيرة هجرة خاصة" إلى الولايات المتحدة من خلال البرنامج المعروف بـ (SIV)، وتتكفل منظمة الهجرة بتأمين سكن وراتب له لفترة ستة شهور. فيما أن أولئك الذين عملوا لأقل من عام يحصلون على وضع لاجئ، الأمر الذي يمكن أن يعجل بإرسالهم إلى الولايات المتحدة. ويستطيع المعنيون في كلتا الحالتين اصطحاب عائلاتهم معهم، إلا أن معظم طلبات هؤلاء ما زالت قيد البحث من قبل سفارة الولايات المتحدة في بغداد مسؤول في السفارة الأميركية أكد أن "عمل الآلاف من العراقيين المترجمين والعاملين تم بموجب عقود موقعة بين الطرفين وهي توضح الحقوق والواجبات" . وأوضح المسؤول الذي تحتفظ "نقاش" باسمه أن "العقود لا تنص على أي ضمانات بعد انتهاء العقد ووافق عليه جميع العاملين مع القوات الأميركية". ويلفت المسؤول إلى أن "الأمر الوحيد المترتب على حكومة الولايات المتحدة هو منح حق الهجرة لكل من عمل مع القوات الأميركية لأكثر من سنة"، ويستطرد: "صحيح أن هناك العديد منهم مر على عمله أكثر من سنة ولم تقبل أوراق الهجرة لكن ذلك لا يعني رفضها. الأعداد كبيرة جدا ونقوم بأقصى جهدنا من أجل إكمالها في أقصر وقت"."سي جيه"، هو اسم مستعار لمترجم آخر كان يعمل في قاعدة عسكرية في مطار بغداد غرب العاصمة، قال: "لقد عشت مع ا
المترجمون.. ضحايا الانسحاب الأميركي

نشر في: 10 ديسمبر, 2011: 09:27 م









