TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > حقوق الإنسان وترسيخ المواطنة

حقوق الإنسان وترسيخ المواطنة

نشر في: 10 ديسمبر, 2011: 09:30 م

حسين علي الحمدانيالإعلان العالمي لحقوق الإنسان المتضمن ديباجة و30 مادة، من يطالعه سيجد أن هذا الإعلان هو رسالة للتسامح وقبول الآخر والشراكة العالمية من أجل التنمية والبناء ، بناء الإنسان لكي يؤدي رسالته الحقيقية في الحياة بغض النظر عن الجنس والقومية والديانة واللون، ومنح الفرص المتكافئة للجميع من أجل التنمية أولاً ، والاستقرار والسلم الأهلي ثانياً ، والتعايش مابين الجميع وفق مبادئ المواطنة بعيداً عن التمايز.
 ونحن في العراق أحوج ما نكون شعباً وحكومة لأن نتبنى مبادئ ومواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بغية تأسيس مجتمع متسامح قادر على فهم دوره في ديمومة الحياة وصناعة المستقبل بعيدا عن الأطر الضيّقة والتي من شأنها أن تهدر كرامة الإنسان في عالم أصبح الإنسان فيه الهدف والغاية .كان العالم بحاجة لوثيقة دولية تنظم علاقة الإنسان بالدولة،بما يحفظ حقوقه من الانتهاكات الكبيرة التي كان يتعرض لها سواء بسبب الجنس أو اللون أو الدين أو الفكر،ورغم أن مجتمعات عديدة قد تمت إبادتها في مرحلة الاستعمار والثورة الصناعية التي تركت آثارا سلبية على الكثير من الدول سواء في آسيا أو إفريقيا وأميركا الشمالية،إلا أن هذا لم يمنع من أن تنادي هذه الشعوب بحقوقها ومحاولة إبرازها كشعوب مظلومة ، تنتهك حقوقها يوميا .ومن السياقات التاريخية نجد أن بلداناً عدة نظمت لوائح لحقوق الإنسان مثل قانون الحقوق الانكليزي، ووثيقة الحقوق الأميركية،وإعلان حقوق الإنسان والمواطنة في فرنسا، إلا أن هذه اللوائح والنظم وإن كانت تكفل حقوق مواطنيها ضمن حدود الدولة وتنظم العلاقات في ما بينهم، إلا أنها لا تعاقبهم إذا ما ارتكبوا جرائم ضد الآخرين، خاصة أن صدور هذه القوانين والأنظمة لم يردع الجيوش الانكليزية والفرنسية من ارتكاب عدد كبير جدا من الانتهاكات في الدول التي خضعت لنفوذها في حملاتها العسكرية وتنافسها في السيطرة على العالم، بحثاً عن المواد الأولية لصناعتها والأيدي العاملة الرخيصة والمجانية بما في ذلك حملات الرق التي سادت القرون الماضية ومثلت أكبر انتهاكا لحقوق الإنسان في العالم ، وما يمكن أن نلمسه اليوم من محاولة الكثير من الدول ذات النزعة الاستعمارية إسباغ صفات الحصانة لجنودها في الدول الأخرى لتجنيبهم وإياها المحاسبة عن جرائم يرتكبونها خارج أراضي بلدانهم بحق شعوب أخرى  . ولم تكن جرائم المستعمرين ولا فظائع الحرب العالمية الأولى كافية لصياغة وبلورة مفاهيم جديدة لحقوق الإنسان، إلا أننا وجدنا وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وكنتيجة لجرائم النازية الفظيعة في أوروبا بالتحديد ، هذه الجرائم دفعت آراء المجتمع الدولي للتوافق والبحث عن حقوق انتهكت ويجب إصدار وثيقة عالمية من شأنها صيانة هذه الحقوق ، خاصة أن ميثاق الأمم المتحدة الذي تشكل على أنقاض عصبة الأمم ، لم تحدد فيه حقوق الإنسان بالشكل الكافي ولم تكن ملزمة للدول المنظمة لهذه المنظمة ، لذا كان البعض يبحث عن صياغات جديدة ولوائح أكثر شمولية وتأصيلا والتزاما . لذا فإننا نطالع في تاريخ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأن الأمم المتحدة شكلت لجنة  مكونة من 18 عضواً يمثلون شتى الخلفيات السياسية والثقافية والدينية. وقامت إليانور روزفلت، أرملة الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت برئاسة لجنة صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واشترك معها رينيه كاسين من فرنسا، الذي وضع المشروع الأولي للإعلان، ومقرر اللجنة شارل مالك من لبنان، ونائب رئيسة اللجنة بونغ شونغ شانغ من الصين، وجون همفري من كندا، الذي أعد مخطط الإعلان. ومع هذا، فإنه كان ثمة تسليم بأن السيدة روزفلت كانت بمثابة القوة الدافعة وراء وضع الإعلان ، ولقد اجتمعت اللجنة للمرة الأولى في عام 1947.وصدقت الجمعية العامة في 10 كانون الأول / ديسمبر 1948 على الإعلان بموافقة 48 صوتا،  وامتناع 8 عن التصويت، هي جميع دول الكتلة السوفيتية، وجنوب إفريقيا والعربية السعودية.ومثل صدور هذا الإعلان يعد نقطة تحول كبيرة في مسارات مبادئ حقوق الإنسان، ولكن هل يكفي صدور هذا الإعلان ومرور 63 سنة عليه، بأن يحفظ للإنسان حقوقه وكرامته ؟ وهل يمكن أن تنتهي الانتهاكات التي يتعرض لها البشر سواء من بعضهم البعض أو من قبل الأنظمة والحكومات ؟ ولكي نجيب على هذه التساؤلات علينا أن نؤكد أن الشعوب ما زالت تعاني انتهاكات كبيرة ومؤثرة وفي مقدمتها تداعيات الأزمات الاقتصادية وتقليص فرص العمل، وما يترتب على هذا من تأثيرات اجتماعية وتربوية كبيرة جدا ولعل عالمنا العربي يعاني الكثير من هذه الخروقات التي كانت السبب الرئيس لبزوغ الربيع العربي عبر ثورات شعبية عارمة أسقطت الكثير من الدكتاتوريات ممهدة الطريق لبناء دول جديدة تحترم حقوق الإنسان وترعاها أو على أقل تقدير لا تنهك كرامة الإنسان العربي الذي كُتب عليه أن يُولد في سجن أو معتقل ويموت فيه!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram