TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > لن نفتحَ الباب للظلام

لن نفتحَ الباب للظلام

نشر في: 10 ديسمبر, 2011: 09:32 م

فريدة النّقّاشقدمت الشابة «لمياء خالد قريطم» وهي قائدة نسائية في جماعة الإخوان المسلمين استقالتها من الجماعة بعد عضوية استمرت ثلاثة وعشرين عاما، وقالت «لمياء» في حيثيات استقالتها إن الجماعة تهمش أدوار النساء، ولا تمثلهن في مؤسساتها بشكل لائق، كما أنها تسيء استغلال مبدأ «السمع والطاعة». ومن جهة أخرى، حاولت إبداعية السلفي «حازم شومان» اقتحام الحفل الفني الذي أقامه طلاب أكاديمية النيل الخاصة بالمنصورة بمناسبة تخرّج الدفعة الثالثة منها، وكان الحفل يضيّف الفنان «هشام عباس» الذي حاول «شومان» منعه من الغناء، ولكن الأساتذة والطلاب حالوا بينه وبين ذلك ورافقوه حتى باب الخروج ليتواصل الحفل كما خطط له الطلاب، ويستمعوا إلى الغناء الذي قال «شومان» إنه حرام.
 وحين سيطرت حركة طالبان على أفغانستان عام 1996 حرمت الموسيقى والفن وأغلقت الإذاعة، ومنعت النساء من العمل والتعليم وفرضت عليهن البرقع الثقيل، الذي تظهر عيونهن منه عبر شبكة معتمة، وتعرضت آلاف النساء لأشد أنواع التنكيل حين دفع بهن شظف العيش والجوع إلى السقوط في أيدي تجار البشر، وأصبحت البلاد سجنا كبيرا لنسائها وفنانيها بل ولشعبها كله. وأسوق هذه الوقائع والحكايات لعلنا جميعا ندرك قبل فوات الأوان أن المتاجرين بالدين، والذين يقدمون خدمات كبيرة للناس يحتاج إليها المعوزون والفقراء ليشتروا أرواحهم وأصواتهم، سوف يقودون البلاد سواء كانوا سلفيين أم إخوان مسلمين إلى نفق مظلم قد يحتاج الخروج منه إلى عقود من الكفاح والتضحيات، وذلك بعد أن يكونوا قد أهدروا حصاد الثورة المجيدة التي راح في سبيلها آلاف الشهداء، والمصابين، وبنى عليها المصريون آمالا كبيرة. وستكون مكافحة الخسائر التي سيلحقها هؤلاء بمسيرة التقدم والحداثة والديمقراطية جزءاً لا يتجزأ من الثورة المستمرة.. تلك الثورة التي بدأت لتتواصل لا لتتوقف. وإذا كان السلفيون والإخوان المسلمون وكل التيارات السياسية المحافظة ، يستثمرون التخلّف والجهل والأميّة وكلها موروثة من نظام الفساد والاستبداد الذي أهدر حياة البشر وقيمتهم وقيمهم، فإن القوى الديمقراطية بكل توجهاتها من يسارية وليبرالية مطالبة بأن تضع نصب عينيها البرنامج السياسي الاقتصادي الذي ينتشل الملايين من الفقر والأمية والمرض واليأس، باعتباره الطريق الوحيد لتحريرهم من براثن الأفكار المتقنعة بالدين، ومن قبضة القوى التي تتاجر ببؤسهم وتستثمر فضلات الثقافة الهابطة مخلوطة بالشعوذة واستلاب إرادة الإنسان وتهشيم الروح النقدية فيه. يقودنا التحليل الصحيح والمتأني للخطاب الديني - سلفيا كان أول إخوانيا - إلى اكتشاف مجموعة من الحقائق ووضعها أمام الجمهور الواسع بعد تحريرها من القشور الدعائية والمزيفة التي يلفونها فيها، فهم حين يدعون أنهم مع مبدأ المواطنة أي المساواة بين البشر جميعا من مسلمين ومسيحيين ونساء ورجال وأغنياء وفقراء يشنّون حربا ويضعون عليها أقنعة وشعارات «ثورية» ضد وثيقة المبادئ الحاكمة للدستور التي تدعو إلى أن يكون مبدأ المواطنة ملزما كأساس للجمعية التأسيسية التي ستكتب الدستور، وفي ممارساتهم العملية خاضوا معا - أي الإخوان والسلفيون - معركة «دينية» ضد المسيحيين المصريين حين بنوا دعايتهم في استفتاء مارس الماضي لمساندة التعديلات الدستورية على أن الذين سيصوتون بـ «لا» يفتحون الباب للصليب في إشارة للمسيحيين المصريين الذين سيحكمون مصر. وتلاعبوا بصورة فجّة ومبتذلة بالمشاعر الدينية البسيطة مستفيدين من البؤس والفقر المنتشرين في الريف والأحياء العشوائية حول المدن. وسوف يدور الصراع في هذه المرحلة مجددا حول مشروعين كبيرين، فإما أن تبنى مصر بعد نجاح الثورة في إزاحة رأس النظام دولة مدنية ديمقراطية حديثة لكل مواطنيها، أو أن يقودنا هذا الزحف الظلامي إلى الدولة الدينية التي حصدت الإنسانية من تجاربها المريرة حصادا أكثر مرارة في أفغانستان في ظل طالبان وفي السودان، حيث قسم ادعاء تطبيق الشريعة البلد إلى بلدين، وفي إيران حيث يتقنع المشروع الإمبراطوري لدولة ولاية الفقيه بالدين ويمارس تمييزا فظا ضد النساء وأصحاب الديانات الأخرى والمذاهب غير الشيعية. ودراسة هذه التجارب كلها واستخلاص الدروس منها هو ما سيمكننا من وقف الزحف الأسود على مستقبل البلاد حين نضع هذه القوى في مكانها وحجمها عبر النضال الديمقراطي المتواصل دفاعاً عن أهداف الثورة وطموحات المصريين جميعا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram