عامر القيسيكم يشعر المواطن العراقي بالفخر عندما يجد أن لديه حكومة تلعب دورا ايجابيا في محيطها القريب والبعيد وفي مجمل التحولات العالمية وأزماتها ، لان هذا يؤشرالى اننا قد تعافينا تماما وان محيطنا يتقبل لنا دورا يساعد على حل أو المساهمة في حل المشكلات الداخلية والخارجية لدول شقيقة أو صديقة أو في المحافل الدولية .
أعتقد شخصيا ان وساطة المالكي فيما يتعلق بالازمة السورية، وساطة مبنية اساسا على خلفيات لاتساعدها على النهوض باهدافها المعلنة من قبل الطرفين النظام السوري والمعارضة الحقيقية له وليس صنيعته ، للاسباب التالية :أولا : في ما يتعلق بالمعارضة السورية فهي مازالت حتى اللحظة منزعجة جدا من الموقف الرسمي العراقي في محفل الجامعة العربية بخصوص تجميد عضوية سوريا والمقاطعة الاقتصادية.ثانيا : مازالت هذه المعارضة تواصل اتهامها الحكومة العراقية بمساعدة النظام السوري أو غض النظرعن مساعدات تقدم له من أطراف عراقية ، رغم ان الجانب العراقي الرسمي قد نفى ذلك رسميا ،وكذلك نفي تلك الاطراف تقديم اي مساعدة للنظام السوري. لن ندخل في التفاصيل المعقدة للموقف العراقي الرسمي وتعقيداته المحلية والاقليمية معا ، لكننا نسأل :هل ان السيد المالكي استطاع ان يحل خلافاته مع حلفائه ومعارضيه معا ليتجه بجهود مشكورة لحل الازمة السورية ؟هل استطاع حتى اللحظة ان يقدم مبادرة حقيقية لحل العقد التي اعترضت وتعترض العملية السياسية في البلاد والتي منعت ليس فقط تقدمها خطوة الى الامام ، وانما تراجعها خطوات الى الوراء ؟حلفاء المالكي الاقوياء يتهمونه بالتفرد والاتجاه نحو حكم الحزب الواحد ، وهذا ما صرح به السيد مقتدى الصدر في اطار انتقاداته المستمرة لاداء حكومة المالكي ، السيد عمار الحكيم مازال حتى اللحظة يطالب بطاولة مستديرة لمناقشة الأزمة العراقية ، ويشكو باستمرار عدم وجود مشاركة حقيقية في السلطة واتخاذ القرار ، والحليفان ضمن التحالف الوطني الذي صوّت للمالكي رئيسا للوزراء ، والسيدان الحكيم والصدر قوى اساسية في هذا التحالف . وفيما يتعلق بعلاقته مع العراقية فما زالت السجالات والتجاذبات معها ،ممثلة بشخص اياد علاوي، تستحوذ على المساحة الأكبر من المشهد السياسي العراقي ، بل ان هذه التجاذبات بين العراقية ودولة القانون الحاكمة عطلت الى حد كبير الكثير من مشاريع التسوية السياسية مثل اتفاقية أربيل التي رعاها رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني ومبادرات رئيس الجمهورية جلال طالباني في لقاءات القمة بين رؤوساء الكتل الكبيرة . الكرد من جانبهم، وهم شركاء تقليديون له، لديهم الكثير من المآخذ على قيادة المالكي للحكومة ودوره في عدم الألتزام بالتعهدات التي منحها لهم في فترات التفاوض على تشكيل الحكومة ووعود اتفاقية أربيل !!لاندري صراحة كيف يستطيع السيد المالكي ان يكون طرفا في حل ازمة من طراز الازمة السورية وتعقيداتها المحلية والاقليمية وهو الذي لم يستطع حتى الآن حل مشكلة صغيرة ومهمة في البلاد متمثلة في اختيار الوزراء الامنيين لحكومته العتيدة، الدفاع والداخلية والامن الوطني . نتمنى لوساطة المالكي ان تنجح منفردة أو في اطار مبادرة الجامعة العربية ، لكن ما نخشاه هو أن السيد المالكي قد ورط نفسه في مهمة ، لو فشلت ، فان آثارها السلبية ستقلل كثيرا من وزن العراق القادم في محيطه العربي والاقليمي.
كتابة على الحيطان: وساطة المالكي.. والأزمة العراقية

نشر في: 10 ديسمبر, 2011: 09:43 م