اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الأزمة السوريّة بين طهران وأنقرة

الأزمة السوريّة بين طهران وأنقرة

نشر في: 11 ديسمبر, 2011: 07:08 م

حسن متعبالتناقض الواضح في السياسة التركية إزاء الدول العربية يثير جملة من التساؤلات أبرزها ما هي مصلحة تركيا في إثارة البلابل والاضطرابات في دول قريبة وبعيدة عنها، ومرد هذا التساؤل إلى أن موقف تركيا سابقا من احتلال العراق كان ايجابيا إلى حد أنها أعلنت رفضها التام له، ثم جملة صراعاتها مع إسرائيل على مدى العامين المنصرمين التي حولت اردوغان إلى بطل قومي عربي رغم  عثمانيته،
وإذا كانت المصالح التركية الاقتصادية الواسعة هي من دفعت أنقرة للمساهمة في دعم تدخل الناتو بل المشاركة فيه في ليبيا فإن اردوغان يعلم تماما أن سوريا لا تمتلك من الثروات ما يجعلها مركز استقطاب للآخرين ورغم ذلك فقد أحرق الأتراك كل مراكبهم مع دمشق ولم يعد ممكنا مد جسور العلاقات الحسنة بين جارين تربطهما روابط مختلفة وواسعة لا يمكن مطلقا تجاوزها، والمثير في كل ذلك أنهم يعلمون تماما وباعتراف اردوغان أن اضطراب الوضع في سوريا ينعكس سلبا على تركيا، وقد أثبتت الأيام الماضية صحة هذا الاعتقاد، فالعلويون القاطنون في تركيا -وهم ليسوا قلة- يشكلون اليوم مصدر قلق للحكومة التركية إذ أنهم يقفون بالضد من رغبة حزب العدالة وقادته بشن حرب على دمشق هدفها إسقاط النظام فيها..لقد دفع الشعب الليبي أكثر من ستين ألف قتيل بسبب تدخل حلف الناتو ومع ذلك فإن ذوي المصالح الاقتصادية في أوروبا وبريطانيا وتركيا يعتقدون أن ذلك ثمن بسيط مقابل التخلص من حكم الدكتاتور القذافي، في حين أن ما جلبه الغرب إلى ليبيا أسوأ بكثير من الدكتاتورية التي تكالبوا على حربها، فليبيا اليوم مسرحا للميليشيات والعصابات وتعدد مراكز القوى العشائرية والطائفية ولا يحتمل استقرار الأوضاع فيها قريبا،  ومع ذلك فإن تركيا سعت بشكل محموم لتكرار السيناريو الليبي في سوريا دون حساب للأرواح التي ستزهق بحجة نشر الديمقراطية، ولكن الغرب المعني بمصالحه لم يندفع مع الأهواء التركية واقتصر موقفه على الضغوط السياسية والاقتصادية فقط على أمل أن تأتي ثمارها مع الوقت للتخلص من نظام الأسد، ما دفع اردوغان إلى الاعتراف صراحة (أن النفط السوري لا يشكل مبعث اهتمام للغرب لقلته) ولكن إدراكه لهذا جاء متأخرا بعد أن أعطى إشارات واضحة إلى أن لا مجال مطلقا ولا حل أبدا للازمة السورية إلا بتدخل عسكري قوي وهو الخيار الذي يتجاهله الغرب كليا بعد الفيتو الروسي الصيني وتلويح إيران بأنها ستتخذ موقفا مختلفا إزاء جارتها تركيا في حال تحقق هذا السيناريو.. إلا أن تركيا ليست بمفردها من يدعو للحرب على سوريا إذ أن قطر عبر وسائلها المتعددة إعلاميا وسياسيا ولوجستيا تعمل جاهدة لتأزيم الأوضاع في دمشق وحث كل اللاعبين على تحريك الأجواء وإيصالها إلى نقطة اللاحل إلا بالخيار العسكري، وأخيرا يكشف لنا اليهودي هنري ليفي  من خلال زاويته الأسبوعية بمجلة (لوبوان)، في مقالة بعنوان (نهاية اللعبة في سوريا) عن قوة تأثيره على الرئيس الفرنسي، معترفا بأن ساركوزي تواطأ معه في مؤامرة سرية لتهميش وزارة الخارجية الفرنسية، حتى لا تعرقل بمساعيها الدبلوماسية حرب حلف الأطلسي في ليبيا وقد ختم مقالته بإعلان حرب رسمي على الرئيس بشار الأسد، جازما بأن النظام السوري سيُطاح به وفق (السيناريو الليبي) ذاته، قائلاً إنه في ما يتعلق بسوريا (لم يبق سوى المشهد النهائي، الذي لم تكتمل كتابته بعد) .. وإذا كنا نتفهم دوافع قطر التي هي مخلب أميركي وليد في المنطقة، ونتفهم جهود اليهودي برنارد ليفي، فإن الموقف التركي يصعب تفهمه نظرا للتناقض الذي أظهره بقضايا مماثلة أخرى، فالأتراك لم يعلقوا على مجريات الحراك الشعبي في البحرين ولم يتطرق أي من القادة هناك إلى الكيفية التي جرى بواسطتها قمع الجماهير البحرينية وإيقاف ثورتها وقتل تطلعاتها نحو الحرية والديمقراطية، ولم يتطرق أي من القادة الترك  أيضا إلى ما يجري في اليمن ولم تنل الثورة المصرية اهتماما يذكر منهم  بعكس الموقف من ليبيا ومن ثم التحرك المفضوح والخطير تجاه سوريا، ولعل من الجدير بالذكر أن لولا الدعم التركي للمعارضة السورية لما أمكن تشكيل المجلس الوطني السوري ولما استمرت التظاهرات مع صمود النظام كل هذا الوقت، وأيضا كانت تركيا هي صاحبة المعركة الأولى التي سميت بأحداث جسر الشغور حيث سهلت تمرير السلاح والمقاتلين إلى هناك لمجابهة قوات الأمن والجيش السوري.. لا يمكن الاعتقاد أن تركيا تطمح إلى احتلال سوريا باعتبار أنها تحلم باستعادة أملاك عثمانية فصلت عنها بالقوة بعد الحرب العالمية الأولى، ذلك أن مثل هذا الأمر لن يلقى قبولا دوليا مطلقا وسيخل بموازين القوى الإقليمية المختلة هي أساسا.. ولكن نظرة فاحصة إلى تطور الموقف التركي من العراق ودعمها لكل القوى الانفصالية فيه ومنها دعمها لفكرة إنشاء إقليم سني  يوحي بما لا يقبل الشك بأنها قد ارتضت أن تكون شريكا لقطر في تنفيذ المخططات الأميركية الرامية إلى تقسيم المنطقة إلى دويلات صغيرة وكيانات ضائعة لا تقوى على خلق توازنات مستقبلية من شأنها أن تهدد أمن إسرائيل من جهة، ومن جهة أخرى الحد من الامتداد الشيعي والتأثير الإيراني في المنطقة، وإذا كانت تركيا الداعم الإقليمي الأول للمعارضة السورية فإن إيران هي الداعم الإقليمي الأول للنظام  وهذا يعني أن النتيجة النهاية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram