د. سعد بن طفلة العجمي بحصار النظام السوري من قبل العرب والمجتمع الدولي، لم يجد من يلتفت إليه لينقذه ويخفف عنه وطأة الحصار سوى العراق!! وأي عراق؟ إنه العراق الديمقراطي الذي أتى ليؤسس دولة الديمقراطية وحقوق الإنسان بعد أن خلصته أمريكا انطلاقا من الكويت حصرا من أبشع دكتاتورية عربية، قاتل الله السياسة، فالعراق الذي دفع التضحيات الجسام وملايين الضحايا والمشردين والجرحى والثكلى والمعذبين، لكي يتخلص من حكم البعث الصدامي الدموي، يقف اليوم وحيدا بين العرب جميعا مع آخر معاقل حكم البعث، أقول وحيدا لأن لبنان أصبح لبنانين، وحكومته بأكثر من رأس، لكن رأس حزب الله-ميقاتي هو الأعلى ارتفاعا، فأعلن انحيازه للقهر والاستبداد بحجة المقاومة والممانعة.
من مهازل السياسة، وسخريات ألاعيبها، وقذارة تقلباتها، أن العراق اليوم يقف وحيا مع آخر دكتاتوريات الانقلابات العسكرية العربية. لست أدري إن كان رئيس العراق اليوم –مام جلال- يستذكر حلبجة، ولا أعرف إن كان وزير الخارجية العراقي السيد هوشيار زيباري يتذكر حملة الأنفال ومآسي التشريد للشعب الكردي، ولا نعرف ما الذي جرى لذاكرة السيد نوري المالكي فيما جرى للجنوب العراقي إبان ثورة شعبان التي ارتكب فيها صدام حسين حرب إبادة لإخمادها. ما الذي تغير؟ هل الدم السوري أرخص من العراقي؟ هل الإنسان هنا مختلف عن الإنسان هناك؟ هل الإبادة البعثية السورية أرحم من إبادة بعث العراق؟ وهل الموت بسوريا رحيم بينما كان موتا زؤاما في العراق على يد بعثييه؟ وكيف تختلف آدمية الحمصي، عن مأساة الحلاّوي؟ وما الفرق بين السحق في درعا وبين السحل في الدجيل؟ وما الفرق بين التعذيب في الرستن وبين شنائع أبو غريب؟ مخجل أن يكون العراق اليوم هو الدولة العربية الوحيدة، التي تقف مع نظام يتهاوى وهو يرتكب شنائع وفظائع يشيب لها الولدان، ومهما ساق العراق الرسمي من مبررات، فإن العراق تحديدا يفترض أن يكون آخر الممانعين للمقاطعة، بل كان يفترض أن يقود حملة ضد نظام سوريا لأنه ذاق ما يذوقه الشعب السوري اليوم بأشكال ونماذج مختلفة. إلى جانب الانحراف الأخلاقي في الموقف العراقي، فإنه أيضا خطأ سياسي واستراتيجي كبير، فنظام الأسد ساقط لا محالة، مهما ارتكب من المذابح ومهما قدم الشعب السوري من التضحيات، وعندها سيجد العراق "الديمقراطي" نفسه أمام سوريا من نوع آخر معادية لمن ساند الدكتاتورية وذبح شعبها، وقد لا ينسى للعراق ذلك. كان يفترض أن يكون العراق الديمقراطي رأس حربة في الدفاع عن الشعب السوري وحقوقه الآدمية، لكنها السياسة –قاتلها الله- لا تعرف القيم ولا وزن للأخلاق عندها... كاتب وأكاديمي كويتي
جسر: العراق ينقذ البعث
نشر في: 11 ديسمبر, 2011: 07:09 م