وديع غزوان بغض النظر عن دقة المعلومات أو عدمها التي تضمنها تقرير الأمم المتحدة عن انتهاكات حقوق الإنسان في العراق والتي اعتادت الوزارة المختصة التشكيك بصحتها، وبعيداً عن محاولات البعض تسييس هذا الملف المهم ، فإن زيارة عابرة لأي منطقة في بغداد أو المحافظات العراقية الأخرى تكشف لكل منصف مدى الحيف الذي يتعرض له المواطن يومياً بدون استثناء ومن مختلف الشرائح . فالجامع المشترك للعراقيين صار بعد 2003
هو ذلك الخوف على الحلم الذي كاد أن يتلاشى بفعل الوجع وهموم الفساد السياسي الذي انعكس على واقعه الصحي والتربوي والتعليمي والبلدي ونهب المال العام واستئثار المسؤولين بالنعم وهم غير مباليين بالملايين ممن يعيشون تحت خط الفقر أو في مستواه فلا تجد قوت يومها ولا المبالغ اللازمة لعلاجها أو لشراء الدواء . لا أظن الواحد منا يحتاج إلى إحصاءات لمعرفة الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان فيكفي أن تذهب إلى دوائر الرعاية الاجتماعية أو أي منظمة إنسانية لتشاهد عشرات الأرامل يتدافعن للحصول على هوية الرعاية الاجتماعية فيحصلن بعد جهد ومذلة على مبلغ لا يصل حتى مستوى الكفاف أو للحصول على معونة بسيطة وربما مدفأة متواضعة ، هذه صور الأرامل اللاتي فقدن المعين ليكافأن بهذا الشكل المخجل أما إذا انتقلنا إلى الطفولة فستكون المأساة أكبر، مثل هذه المشاهد عن الانتهاكات لحقوق الإنسان تجدها أكثر وضوحاً وأنت تطالع قانون ما سمي بحرية التعبير عن الرأي وما في مواده من تجاوز على الحريات وحق التظاهر والاجتماع ، وستكون الصورة أكثر قتامة وأنت تستمع إلى قصص التعامل غير الإنساني مع المعتقلين على الشبهة وجراء معلومات غير دقيقة أو جاءت من مخبر سري أو الاطلاع على تقارير وتصريحات مسؤوليين عن تسييس القضاء،لا نريد أن نسترسل أكثر ونعترف أننا موجعون ومستغربون، استمرار هذه المشاهد وعدم اكتراث المسؤولين بها أو تكليف أنفسهم عناء التوقف عندها ، رغم أن من المفترض والطبيعي أن من ذاق الظلم والتجاوز على حقوقه يفكر أكثر من مرة قبل أن يقدم على تصرف أو فعل يشجع ارتكاب مثل هذه الأفعال التي دفعنا نحن البسطاء أكثر من غيرنا ثمناً باهظا من أجل أحلام بعدم تكرارها . أخيرا من المهم أن تكون لدينا لجنة متخصصة لحقوق الإنسان في مجلس النواب ولكن ما قيمتها إذا كانت يدها مشلولة وتقف عاجزة أمام إنصاف المواطن وتكتفي فقط بالشجب والإدانة وتشخيص الانتهاكات دون أن تمتلك سلطة إيقافها، ومن المفيد وجود وزارة لها نفس الأهداف لكن ما أهميتها إذا كان دورها لم يرق إلى الحدود الدنيا من هموم المواطن أو إذا كانت لم تمد جسور التفاعل مع منظمات المجتمع المدني المتخصصة بحقوق الإنسان بل ربما تتعامل معها بشك ، وما الذي يمكن أن ننتظره من مفوضية يزمع تشكيلها لحقوق الإنسان إذا لم نؤمن أصلا بجدواها .حقوق الإنسان ياسادة ليس شعارات وتصريحات، إنه فعل يسبقه الإيمان بأن هذه الحقوق مرتبطة بجملة عوامل وأن ليس بمقدور أي بلد ادعاء الديمقراطية إذا كان الإنسان فيه يعجز عن النوم قرير العين لايؤرقه شبح الخوف أو الجوع !
كردستانيات :حقوقنا أحلام مؤجَّلة!
نشر في: 11 ديسمبر, 2011: 10:02 م