TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المجتمع المدني.. بوصفه منتجاً للثقافة الديمقراطية

المجتمع المدني.. بوصفه منتجاً للثقافة الديمقراطية

نشر في: 12 ديسمبر, 2011: 08:01 م

إياد مهدي عباس أصبح وجود المجتمع المدني اليوم من ضروريات النجاح لأي تجربة ديمقراطية ودليل حضارة ورقي هذه التجربة باعتباره أداة أو آلية حضارية تساهم في ترسيخ المفاهيم والقيم التي تعمل على انتقال البلد من الدكتاتورية إلى مفاهيم الديمقراطية.
ومن خلال متابعة سير الأحداث وتسلسلها الزمني في التجربة الديمقراطية في العراق يمكننا أن نكتشف انه بالرغم من مرور سنوات على انطلاق مرحلة التحول الديمقراطي في هذا البلد إلا إننا مازلنا بعيدين عن تحقيق تحول حقيقي نحو الديمقراطية بكل مفاهيمها المعروفة . ويمكننا أن نقول في سياق فهمنا البسيط للديمقراطية نعتقد أنها تتمثل في التداول السلمي للسلطة والوصول إلى هذه السلطة عبر صناديق الاقتراع الشفافة والانتخابات النزيهة وتتمثل أيضا في كتابة دستور مقبول من الجميع ويحفظ حقوق الشعب بجميع مكوناته .إلا أننا وبعد سنوات عديدة أدركنا بأن هذه هي ليست الديمقراطية بل هي مجرد آليات لتحقيق الديمقراطية التي لن تتحقق دون أن تنتج التجربة وآلياتها المذكورة مخرجات عديدة ومفاهيم ديمقراطية مهمة غابت عن المشهد العراقي أهمها معادلة الحكومة والمعارضة ، ثقافة الاعتراف بنتائج الانتخابات ، روح تقبل الخسارة ، ترجيح المصلحة العامة على المصالح الشخصية الضيقة ، إعلاء روح المواطنة فوق الانتماءات الضيقة الأخرى .كل هذه المفاهيم والمخرجات الديمقراطية لن تتكرس عبر تطبيق آليات الديمقراطية فحسب بل هي بحاجة إلى عمل كبير للمجتمع المدني بوصفه المنتج الأول للثقافة والقيم الديمقراطية التي لم يألفها المجتمع العراقي والمجتمع العربي حيث غابت هذه المفاهيم عن الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي في المنطقة العربية في ظل الحكم الشمولي للأنظمة الدكتاتورية عبر عقود من الزمن تم من خلالها تغييب الدور الحيوي والفعال لمنظمات المجتمع المدني .اليوم لا يمكن أن نقول بنجاح التجربة الديمقراطية في العراق وسط التأزم والتجاذبات السياسية المستمرة وغياب احد طرفي المعادلة الديمقراطية ونقصد هنا المعارضة البرلمانية التي أصبحت شبحا يخشاه الجميع ودورا ثانويا لا يريد احد أن يلعبه في ظل غياب ثقافة المعارضة السياسية بالرغم من إنها كان يجب أن تكون عين المواطن المراقبة والمحاسبة للأداء السياسي والحكومي في التجربة.  كل هذا دعا منظمات المجتمع المدني والتي ظهرت على الساحة العراقية بعد سقوط النظام لتشارك في إعادة البناء الثقافي والسياسي والاجتماعي للإنسان العراقي باعتبارها الجهة غير الرسمية القادرة على التدخل دون التطلع إلى مكان لها في السلطة أو الحكومة لأنها تنطلق باتجاه توعية المواطن وترسيخ المفاهيم الديمقراطية لديه ولدى السياسي على حد سواء ..إلا أن هذه المنظمات لاقت الكثير من المعوقات في طريق عملها وذلك لحداثة التجربة وعدم توفر الكثير من مقومات نجاحها وفي مقدمة هذه المعوقات عدم تقبل السياسي عمل هذه المنظمات ومحاربتها بشتى الطرق عبر غياب الحماية القانونية الكافية التي تكفل حرية الحركة والعمل ، إضافة إلى غياب الدعم المالي من قبل الحكومة والذي يضمن لها الاستمرار وتقديم واجباتها بأفضل صورة دون الحاجة لتلقي الدعم من جهات مشبوهة ممكن أن تسعى لتنفيذ أجندات لها داخل البلد. بالإضافة إلى ذلك يمكننا أن نعتبر أن غياب الثقافة الشعبية بأهمية دور هذه المنظمات في المجتمع وفي البناء الديمقراطي قد يصعب مهمتها كثيرا ويبعد المواطن عن التعاون معها فتغيب الرغبة في العمل التطوعي في هذه المنظمات .وأخيرا هناك مشاكل داخلية في بعض تلك المنظمات تتمثل بغياب الخبرة وعدم المهنية والتطلع للربح المادي ودكتاتورية القيادات فيها لغياب النظام الداخلي النموذجي .  هذه المعوقات والكثير من المشاكل الأخرى تقف في وجه المنظمات المدنية غير الرسمية في أداء دورها في البناء الديمقراطي الصحيح ولو أردنا للتحول الديمقراطي في أي بلد أن ينجح ويتحقق، فعلينا تهيئة الأرضية الصالحة لترسيخ المفاهيم والثقافة الديمقراطية التي لن نتمكن من إنتاجها وتطبيقها بعيدا عن المجتمع المدني ومنظماته التي أخذت تلعب اليوم دور المعارضة كرقيب على الأداء السياسي وحارس على المفاهيم الديمقراطية الناشئة في العراق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram