TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > ثورة الحسـين.. المشترك بين العلمانيين والإســلام السـياسـي!

ثورة الحسـين.. المشترك بين العلمانيين والإســلام السـياسـي!

نشر في: 12 ديسمبر, 2011: 08:03 م

أ.د.قاسم حسين صالح قد يبدو العنوان لكثيرين فيه نشاز أو استفزاز..فما الذي يجمع بين علمانيين يعدّهم البعض ضد الدين وبين إسلاميين متدينين في ثورة قادها إمام ضد شاب أحمق نصبّه أبوه خليفة بالوراثة على أمّة كانت في زمانها تعدّ الأفضل بين الأمم والأسبق في اعتمادها مبدأ الشورى في الحكم؟ والعنوان يلفت إلى مسألة كبيرة هي أن ثورة الحسين (اشتراكية) في قيمها وجوهرها .فأهم الشعارات التي رفعتها
الثورة الفرنسية وثورة أكتوبر الاشتراكية مطابقة لها تماما في هدفين رئيسين:الوقوف بوجه طغيان السلطة،وتحقيق العدالة الاجتماعية بين الناس.بل أن ثورات العرب في ربيعها هي في جوهرها (حسينية)، الشعارات :الكرامة والحرية والعدالة.والمفارقة أن الذي قطف ثمار هذه الثورات هو الإسلام السياسي الذي لا يؤمن بالقيم الاشتراكية التي تتبناها القوى العلمانية ،مع أن شعاراتها الحياتية اقرب الى العلمانية منها الى الدين. ومن غرائب الأمور أن ثورات عظيمة قامت بها شعوب وجيوش، باتت الآن منسية، فيما ثورة الحسين تتجدد وتبقى خالدة رغم أن القائم بها كان رجلا واحدا، وانه مضى عليها أكثر من ألف عام..والسبب هو أن الصراع بين الاستبداد والطغيان والاضطهاد وظلم السلطة من جهة، وبين الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية واحترام الإنسان من جهة أخرى.. مسألة أزلية..لا يحدها زمان ولا مكان، ولا صنف من الحكّام أو الشعوب. ومن هنا كان استشهاد الحسين يمثل موقفا متفردا لقضية إنسانية مطلقة مادامت هنالك سلطة فيها حاكم ومحكوم، وظالم ومظلوم،وحق وباطل.     صحيح أن كثيرين عبر التاريخ كانوا أبطالاً في الوقوف بوجه طغيان السلطة، وان نهاياتهم كانت تراجيدية، غير أن تراجيديا مقتل الحسين كان كل مشهد فيها يجسّد فاجعة تلهب المشاعر وتعصف بأقصى درجات الانفعالات الايجابية والسلبية معا..التعاطف مع الضحية لدرجة التوحّد بها ، وإدانة الجلاّد باحتقاره معنويا وتمني النيل منه بالانتقام جسديا. كانت تراجيديا من نوع فريد..ليس فقط في الموقف البطولي لرجل في السابعة والخمسين يقف بشموخ وكبرياء أمام آلاف الرجال المدججين بالسيوف والرماح المنتظرين لحظة الإيذان بالهجوم عليه وقتله، ورفضه عرض مفاوض السلطة بأن يخضع لأمرها وله ما يريد، وردّه الشجاع بصيحته المدوّية: (هيهات منّا الذلّة) مع انه يعلم أن الطامعين بالمكافأة يتدافعون في أيهم يقتله أولا، وأيهم سيمثّل بجثته..بل لأن المشهد كان فيه نساء وأطفال..وكأن الحسين أراد أن يثبت للبشرية أن بشاعة طغيان السلطة في أي نظام بالدنيا،تتجاوز وحشية الحيوانات المفترسة. فأي مشهد تراجيدي أفجع من مشهد قطع رؤوس وتعليقها في الرماح والطواف بها بين البلدان لمجرد أن أصحابها جاءوا يطالبون بإصلاح حال السلطة والناس ؟! وأي مشهد تراجيدي أفجع من مشهد طفل رضيع ينحر بسهم بين يدي أبيه، طالبا منهم شربة ماء له ؟! وأي احتجاج أبلغ وأقسى وأوجع من ثائر يرمي  بوجه السماء دم ابنه الرضيع المنحور بين يديه..مع أنه ثار من أجل تحقيق عدالتها؟! كان بإمكان الحسين أن ينجو هو وأهله وأصحابه بمجرد أن ينطق كلمة واحدة:(البيعة)..لكنه كان صاحب مبدأ):خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدّي)،ولأنه وجد أن الحق ضاع:(ألا ترون أن الحق لا يعمل به)،ولأن الفساد قد تفشى وشاعت الرذيلة وتردت الأخلاق،ولأن مبادئ الثورة المحمدية ابتلعتها سلطة باطل.فكان عليه أن يختار بين أمرين:إما أن يحيي مبادئ الإسلام بموته أو أن يميتها ويبقى حياً..فاختار الموت..وتقصّد أن يكون بتلك التراجيديا الفجائعية ليكون المشهد قضية إنسانية أزلية بين خصمين:سلطان جائر ..خلفه مريدوه ومحبو الثروة والسلطة وبقوة رهيبة، وحرّ ثائر وخلفه عن بعد جموع المضطهدين والمحرومين والمغلوب على أمرهم.القيم المهمّشة في ثورة الحسينأولى هذه القيم أننا لم نقدّم الحسين الى العالم بوصفه ثائرا من اجل كرامة الإنسان وحريته والمطالب بتطبيق قيم الحق والعدالة الاجتماعية والوقوف بشجاعة بوجه الظلم والقهر والاستبداد..بل قدمناه بوصفه رجل دين ثار من اجل قيم دينية .والمصيبة أن معظم العرب لا يعرفون من هو الحسين ،بل أن الطلبة في البلدان العربية يقرأون عن هذه الواقعة الملحمية في كتب التاريخ المنهجية إشارة عابرة إلى أن معركة وقعت في 61 هجرية بين خليفة المسلمين وبين خارجين على طاعته!..مع أن غاندي في الهند قد تعلّم  منها. والسبب في ذلك أن العداء الطائفي نسب الضحية إلى المعارضين لأنظمة حكم كانت ترى في اذكاء قيم هذه الملحمة قنبلة تنسفها،وأن المعارضين في المقابل استأثروا بها لأنفسهم  مع أن الحسين كان رمزا لكل مظلوم وثائر على سلطة مستبدة وسلطان جائر ..الآن وغدا. وقيمة أخرى لم تأخذ استحقاقها هي أن هذه المواجهة بين جبهتي الحق والباطل  قدمت للمرّة الأولى في تاريخ الإسلام  امرأة شجاعة ..ثائرة ..قوية الحجة والمنطق تقف بوجه سلطان جائر وتردّ عليه الكلام بما يخرسه ويحقرّه.تلك كانت زينب التي قدمناها..ثكلى..ندّابة ..تبكي وتلطم ..ننظم على لسانها قصائد الفواجع التي تثير البكاء والنواح..مع أنها كانت عصية الدمع وأقوى من انكسار يلوي ظهر رجال.   تجيير الثورة..باسم الشيعة  مع أن ثورة الحسين كانت ذات مضمون إنساني ،بمعن

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram