TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > على هامش الصراحة :زحام بغداد العجيب

على هامش الصراحة :زحام بغداد العجيب

نشر في: 12 ديسمبر, 2011: 08:06 م

 إحسان شمران الياسري كلما خرجت من عملي في الثالثة عصراً، انتابتني موجة كآبة فظيعة.. وأحسب أن غيري تداهمه تلك الكآبة المُريعة.. فأنت سائر إلى بيتك بعد يوم عمل ضخم واجهتك فيه متاعب العمل وأخطاره، وأخطار الذين تعمل معهم أو يعملون معك.. وقد استنزفت كل ما لديك بالكذب والتوسّل والتشجيع والتقريع وارتداء الوجه الآخر الذي هو ليس وجهك لولا أن ظروف العمل تفرضه عليك..  فعندما تخرج من عملك،
 تنزل إلى ساحة المعركة الأكبر، الشارع الذي لا يمكنك  أن تتعدى زحاماً أو نقطة تفتيش أو موكب  إلا بعد أن تصل روحك إلى طرف أنفك، فلا تسير إلا بعض الأمتار أو الدقائق حتى يتسلّمك الطابور الجديد لنقطة تفتيش أو اختناق مروري أو مطب صناعي أو حقيقي في الشارع، لتتكدس السيارات والعربات والآلات الجديدة التي استوردها  تجار الأزمات ودفعوها لشوارعنا البائسة،  فصارت تزاحم السيارات وتستولي على آخر ما يتيحه الشارع من مساحة.. إنها الدراجات البخارية التي ربطوا عليها عُلب الحديد وأسموها (ستوتة) فأربكت الحيز الأخير، وربما الرمق الأخير من مدينتنا الأثيرة إلى قلوبنا، التي لم نستطع حمايتها منّا ومن حكومتنا. أغلب الظن أن كبار المسؤولين في الدولة لم ينزلوا للشارع ظهراً أو صباحاً، ولم يروا مأساة بغداد في ساعات الذروة، وأجزم أنهم إن فعلوا فوفق ترتيبات لا تجعلهم يواجهون ما نواجه يومياً..وربما ستتحدث كتب التاريخ بعد عقود عن المنطقة الخضراء، وكيف أنها فصلت بين الرُعاة والرعية.. وكيف إن الرعية حاولوا الاحتجاج على احتماء الرُعاة بهذه المنطقة، فاعتقد الرُعاة أن الرعية يُدبرون لأمر، فزادوا من خنق الشوارع لكي لا تفلح الخطة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram