حازم مبيضيناستجداء واضح وقبيح وبغيض ذلك الذي يمارسه المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأميركية نيوت غينغريتش, حين يعلن بوقاحة وعن جهل مطبق بالتاريخ, أن الفلسطينيين شعب تم اختراعه, وهدفه الأول تدمير إسرائيل, وهو تصريح شديد العنصرية, ويسعى بالتأكيد لتأجيج الصراع في الشرق الاوسط, ويؤكد عدم صلاحية مطلقة لتولي أي منصب عام, فكيف وهو يسعى لرئاسة الولايات المتحدة,
التي تمارس اليوم دور الدولة الأقوى في العالم, وهو اليوم يتجاوز سياستها الرسمية المعلنة التي تحترم الفلسطينيين كشعب يحق له إقامة دولة من خلال المفاوضات مع إسرائيل, وهو بغباء مطلق في سياسة بلاده يتهمها بتمويل إرهابيين يسعون لتدمير إسرائيل, ويجهل أن السلطة الفلسطينية تؤكد يومياً وبخطوات عملية واضحة أن الوسائل السلمية فقط من شأنها ان تحقق قيام الدولة الفلسطينية, وأنها تسعى لذلك منذ سنوات, وتبذل في سبيل ذلك كل ما بوسعها. ثمة دونية واضحة في تصريحات غينغريتش تتملق للإسرائيليين من الناحيتين القومية والدينية, وهو يبدو مغيباً عن سبب الصراع المستمر في منطقة الشرق الأوسط, وهو صراع يعود ببساطة إلى انكار وجود شعب ودينه, ويأتي هذا المأفون المتملق اليوم لينكر حتى وجود هذا الشعب وهو الأكثر أصالة وتاريخا من كل ما هو يهودي, وهو الشعب الذي وضع بصمته على تاريخ العالم قبل ولادة الدولة التي يسعى غينغريتش لرئاستها, ليضعها في خدمة حركة عنصرية منغلقة على أوهام تاريخية, تمارس يومياً كل أشكال العنصرية حتى ضد معتنقي الديانة اليهودية من غير العرق الاشكنازي الحاكم والطارئ على المنطقة, والقادم إليها مطروداً ومنبوذاً من الشعوب الاوروبية.لايأتي هذا المنافق بطريقة هي الأشد وقاحة بجديد حين " يكتشف " أنه لم يكن هناك دولة تحمل اسم فلسطين في بدايات القرن المنصرم, وأن تلك البقعة من الأرض العربية كانت جزءا من الامبراطورية العثمانية حتى مطلع القرن العشرين, لكنه يجهل أو يتجاهل أو يتغابى حين ينسى أنه لم تكن هناك دولة سورية أو لبنانية أو أردنية أو عراقية, وأن الجميع كانوا من ضمن رعايا الدولة العثمانية التي كانت تحكمهم باسم الاسلام, ويشتط الرجل مدفوعاً باستجداء أصوات مؤيدي الدولة العبرية من الأميركيين, حين يسعى للتفريق بين انتماء الفلسطينيين الوطني وانتمائهم القومي, فالأردنيون والسوريون واللبنانيون أيضاً عرب وليس من حق أحد مطالبتهم بالرحيل عن هذه المنطقة الشاسعة من العالم, فقط لتحقيق حلم اليهود الصهاينة في إقامة وطن قومي لهم على أرض لا يملكونها, ولاحق لهم فيها, وهم يشردون شعباً يتجاوز تعداده اليوم العشرة ملايين إنسان عن أرضه ووطنه. قد يقول البعض إن الترهات التي تفوه بها الساعي لترشيح الحزب الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة هي لغو لا يستحق الرد, فقد سبقته إليها غولدا مئير التي ترأست حكومة إسرائيل لعدة أعوام, لكن المؤكد أنه يستحق ردوداً تتجاوز مقالاً صحفياً هنا أو هناك, وتتجاوز تصريحاً لمسؤول فلسطيني أو عربي لايتعدى صداه بضعة كيلومترات, وهو يحتاج إلى رد رسمي عربي جماعي واضح وصريح, يتم التوجه به إلى قيادات الجمهوريين, ويحذرهم من أن انتخاب مأفون كهذا سيعود بالضرر على علاقة الولايات المتحدة بالعالم العربي, وهي علاقة مهتزة أصلاً, ولا تحتاج إلى مزيد من التأزيم, وإذا كانت الاجواء الهيستيرية للانتخابات الاميركية تفقد الناس كل صلة بالواقع, فينصرفون إلى تصريحات غير مسؤولة, وخطيرة وشديدة العنصرية, لا تكشف عن جهلهم فقط, وإنما تكشف انحيازهم الأعمى لكل ما هو صهيوني في سبيل الوصول إلى السلطة.
في الحدث: غينغريتش والردّ المطلوب
نشر في: 12 ديسمبر, 2011: 09:22 م