TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: طائرة المالكي

العمود الثامن: طائرة المالكي

نشر في: 12 ديسمبر, 2011: 10:49 م

 علي حسينقبل 48 ساعة بالتمام والكمال من هبوط طائرة السيد نوري المالكي في واشنطن ،  قرر  فجأة، وبمحض الصدفة، دعوة الشعوب العربية  إلى تحمل مسؤولياتها في إيقاف الحاكم الجلاد الذي يمارس القسوة ضد شعبه، تماما كما قرر قبل اشهر اعتبار ما يجري  في المنطقة  مجرد خريف توهم الجميع انه ربيع، ومثلما قرر أحد المقربين منه اعتبار ما جرى في مصر وتونس وليبيا مخططا يقوده الشيطان.
اليوم وبمحض الصدفة غير الجميع لهجتهم الحادة في معارضة ما يجري من تظاهرات في سوريا واعتبروا ان من حق الشعوب ان تناضل وتحتج ضد حكامها وكانوا قبل هذا يعتبرون كل من خرج الى ساحات الوطن  خارجا على القانون وينفذ أجندات خارجية، بالتأكيد  الكثير منا يتعامل مع تصريحات بعض السياسيين باعتبارها نكتة أو تعبر عن رأيهم الشخصي فقط،  كنت مستعدا وانا اسمع هذه التصريحات ان ابقى أسيرا لنظرية " المصالح الوطنية "  وأن أصدق أن ما يجرى طبيعي وتلقائي ، وكنت بصدد إخضاع نفسي الأمارة بالسوء لتدريبات قاسية على استقبال التصريحات المتقلبة والمفاجئة ا بمنطق " الصدفة " البحتة  واستبعاد وساوس " الصفقات والمصالح الشخصية ". كما انني ايضا كنت قد بدأت في ممارسة لعبة النوايا الحسنة فربما يكون السيد المالكي ومقربوه يقدمون رسالة ايجابية لاوباما  او بلغة البسطاء عربون محبة كونه وافق اخيرا على استقبال رئيس الوزراء ، وان هذا العربون يجعله يقرر استئجار طائرة خاصة تنقله الى واشنطن  من طرف لا يثير حساسية الأميركيين مثل الامارات التي استجابت للطلب وارسلت الطائرة الى بغداد كي يستقلها المالكي والوفد الخاص المرافق له بديلا عن الطائرة الخاصة التي هي هدية من ايران ، ولم يكتف المالكي بهذا بل ذهب بعيدا في عربونه ليقول وبالحرف الواحد  انه  سيواجه و بشدة اي تدخل ايراني في العراق بعد مغادرة القوات الاميركية وان " من مصلحة العراق ان تنشغل  الدول بشؤونها الخاصة و  تبتعد عن التدخل في شؤونه . مضيفا :  " اذا كان عذر ايران هو ان وجود القوات الاميركية على التراب العراقي يشكل تهديدا للأمن القومي الايراني ، فان هذا التهديد قد انتهى ، و انتهت معه كل الافكار و الحسابات و احتمالات التدخل في شؤون العراق تحت اي مسمى آخر".هكذا اذن استيقظ السيد المالكي، فجأة  فتح ثلاجته الخاصة وابتلع مجموعة لا بأس بها من المقويات  ليصدر لنا  تصريحا ساخنا بأقسى العبارات الممكنة ضد محاولات البعض التدخل بالشأن العراقي. ، جميل جدا أن يدرك المالكي ولو متأخرا ان مصلحة العراق في عدم الخضوع لأي من دول الجوار وعدم السماح لها بالتدخل بشؤونه وجميل أيضا أن  يتذكر السيد المالكي ان على الحكومة ان تغضب  أمام اي ممارسات تمس امن واستقلال البلاد . لكن غير الجميل ويجب أن يقال بصراحة  ان هذه التصريحات تأتي في الوقت الذي يرفض فيه السيد المالكي تسمية الوزراء الأمنيين ، وفي وقت يتصارع وبعنف مع سياسين مشاركين له في الحكم ضاربا بعرض الحائط كل مطالب الناس ،  حديث السيد المالكي يثبت بالدليل القاطع أن هناك جوانب مضحكة كثيرة في حياتنا ، بل وكوميدية ، فلو أن مسكينا قرأ هذه التصريحات فسوف يتصور أن الحكومة ستترك مطاردة ناشطي التظاهرات و ستعلن الحرب على دول الجوار كافة التي تجرأت واستغلت انشغال السياسيون بمعارك المنافع والمصالح، فأخذت تقضم أراضي العراق كما تشاء، ويحتاج المرء ليكون ساذجا تماما وربما غبيا لأقصى درجة ليصدق " الاسطوانة المشروخة " التي يرددها البعض عن الأمن وحماية الحدود وتدخل دول الجوار ، فالناس تدرك جيدا أن بعض السياسيين ساهموا ويساهمون في تقديم العراق على طبق من فضة إلى دول العالم كافة ، ويدركون أن كثيرا من السياسيين لهم قدم في العراق وأخرى في إحدى دول الجوار، وان البعض من الأحزاب السياسية ساهمت في اختراق الأمن الوطني للعراق .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram