معاذ عبد الرحيميبقى الحراك السياسي في البلاد يراوح في مكانه، فاذا ما تقدم القائمون على العملية السياسية في مسيرتهم خطوة لا يلبثون ان يتراجعوا خطوتين في وقت ينتظرهم بفارغ الصبر المواطنون الذين محضوهم تأييدهم علهم يصحون فيبادرون الى تحقيق ما وعدوا به من انجازات ومشاريع تحسن من حياتهم المعيشية وتقضي على البطالة المتفشية بينهم.
ولو امعنا النظر للوقوف على اسباب هذه المراوحة والتلكؤ في الخطوات السياسية لوجدنا ان في مقدمتها، كما شخص النائب محمود عثمان، الخلاف الناشب بين قائمتي دولة القانون والعراقية، وبالذات الخلاف الشخصي بين زعيميهما نوري المالكي واياد علاوي، هذا الخلاف الذي طال أمده وتجاوز أروقة مجلس النواب وحكومة الشراكة الوطنية لينزل الى الشارع ويهدد امن المواطنين حيث وجد الارهابيون في هذا الخلاف مدعاة لمواصلة عملياتهم الارهابية. وكلما اشتدت الازمة وتعقدت الامور بين الطرفين قلنا "اشتدي ازمة تنفرجي" لكن سرعان ما تخيب امالنا وتتبدد على ارض وسماء العلاقات بين الرجلين. فما هو الحل والامر على ماهو عليه من الشد والجذب ؟ هل سيكون الحل على طريقة تبويس اللحى العربية المعروفة حيث لا تمضي ايام حتى يتحول الأمر من لقاء وبوس الى طعن بالخناجر في الظهور واحيانا في الوجوه؟ السبب الرئيس وراء هذا الخلاف المستديم هو كرسي الحكم ، فكل من الرجلين يعتقد انه الأولى من الآخر بالسلطة، ومن وجهة نظر المالكي كما يظهر للعيان ان على علاوي ان يرضى بما حصل عليه من مناصب وزارية ولينتظر المباراة القادمة وصناديق الاقتراع فهي الحكم والفيصل. اما علاوي فينطلق من موقفه الذي لا يتزحزح عنه من ان قائمته تفوقت على قائمة المالكي وانه اضافة الى ذلك يحوز رضا غالبية الدول العربية وكذلك اميركا ودول الاتحاد الاوروبي وانه تأسيسا على هذا كله فمن حقه تولي رئاسة الوزارة، وانه الاقدر على ادارة البلاد والوصول بسفينتها الى بر الامان والنهوض بالعراق الجديد. ومن المعروف لدى القاصي والداني ان الولايات المتحدة صديقة حميمة لكلا الطرفين، لكنها تميل احيانا الى علاوي وعندما عجزت عن اقناع المالكي بالتخلي عن منصب رئاسة الوزارة لصالح علاوي غضت النظر عن ذلك وراحت تعد طبخة جديدة على نار هادئة وسرعان ما اظهرت للوجود مجلس السياسات ليترأسه علاوي. وكان يدور في خلد اصحاب هذه الطبخة ان المالكي سيزدردها وان علاوي سيتبلغ بها مكرها لا بطلاً. وجاء اجتماع اربيل برئاسة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني ليؤشر موافقة كل الأطراف على هذا الحل، وعندما حان وقت ابرام المجلس ووضعه حيز التنفيذ اصطدم بصخرة صلدة وضعها المالكي ومؤيدوه، والسبب في ذلك ان علاوي يريد المجلس المذكور ان يتمتع بكامل صلاحيات السلطات الثلاث، فاعترضت كما هو معروف قائمة التحالف الوطني التي ارادته مجلسا استشاريا لاغير، وهذا ما اثار غضب اعضاء القائمة العراقية فهددوا بالانسحاب من العملية السياسية برمتها . وستبقى الولايات المتحدة تراوح مكانها في سفارتها التي هي اكبر سفارة على وجه الارض تصافح الرجلين ومن معهما تارة باليد اليمنى واخرى باليسرى، وربما ستكون زيارة المالكي الحالية الى واشنطن مفتاح الحل للمشكلة الحاصلة بين دولة القانون والقائمة العراقية التي طال امدها وتذكرنا بحرب داحس والغبراء. واذا ما فتشنا عن حل لهذه المعضلة التي ارقت الكثيرين فلا نجد افضل من تقديم موعد الانتخابات النيابية لتنبثق عنها حكومة اكثرية يمكن ان تنجح في ادارة البلاد بعد ان تعثرت كثيرا خطى حكومة الشراكة الوطنية.
المالكي وعلاوي وما بينهما
نشر في: 13 ديسمبر, 2011: 07:32 م