اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > المعامل.. منكوبة وسكّانها يعتاشون على النفايات ويستقبلون الموت الجماعي

المعامل.. منكوبة وسكّانها يعتاشون على النفايات ويستقبلون الموت الجماعي

نشر في: 13 ديسمبر, 2011: 07:47 م

((الحلقة السادسة)) بغداد/ إيناس طارق  عدسة/ أدهم يوسفنساء بمختلف الأعمار، اغلبهن أرامل يعملن بجمع القمامة، دفعهن العوز لنبش مقالب النفايات بحثا عن قطعة بلاستك أو علبة فارغة، ولا يكسر حدّة المنظر إلا ارتداؤهن كومة الثياب السوداء التي تغطيهن.
 حيث غطين وجوههن بأوشحة سود لفّت بشكل دائري حول رؤوسهن، ربطن أحزمة وسط خصورهن وحملن عصا تساعدهن في تقليب النفايات.. كلاب سائبة تصول وتجول في مناطق تدعى "الطمر الصحي" تتوسط مناطق سكنية تقع في أطراف بغداد.. شباب يتجولون قرب النفايات للملمة ما يمكن حشره في الأكياس التي هتك ثقلها ظهورهم. الجميع يخرج منذ ساعات الصباح الباكر بانتظار قدوم "لقمة العيش" محملة في سيارات النفايات، فلا تعتقدوا أنهم كانوا يتهيأون لاستقبال زائر طالت غيبته أو سيارات تحمل مساعدات من الحكومة لأنهم ليسوا لاجئين فهم يسكنون العاصمة ولم يكونوا ينتظرون "بابا نوئيل" لتوزيع هدايا "رأس السنة الميلادية" الجديدة 2012 المليئة بالتجدد والأمان وتوفير الماء النقي الخالي من الجراثيم واستمرار التيار الكهربائي وفك الشوارع من الزحام ورفع السيطرات الأمنية وانتشار البهجة والسرور عند الأطفال ومشاهدة الأبنية الشاهقة بدلا من الحواجز الكونكريتية العملاقة فلا يعرف شارع بدايته من نهايته، مناطق الطمر الصحي أصبحت معلما من معالم العاصمة بغداد وتدخل ضمن خارطة البناء العمراني الحديث، محارق نفايات وسط الأحياء السكنية ترسم ملامح الموت بدخانها الأسود المنبعث منها لساكنيها! مقاولون يتنافسون في عقد صفقات تجارية على مناطق بغداد الأكثر استهلاكا وشعبية خصوصا التي تضم أسواقا ومحالا تجارية قبل أن تحرق، روائح كريهة منبعثة من تلال النفايات.. صغار يتناوبون البحث بين الأزبال عسى أن يجدوا ما ينفع لهم طعاما، عوائل جائعة تقف في طابور صباحي كأنه تعداد عسكري "أيام زمان" تلتقط طعامها من منطقة جمع النفايات الواقعة في وسط بغداد "المعامل".. مناطق أطراف بغداد المتمثلة بمنطقة المعامل هذه المنطقة بعيدة عن الحياة من حيث افتقارها إلى ابسط الخدمات البيئية والصحية، منطقة منسيّة فقيرة سكانها يعانون البؤس والحرمان لكنهم مصممون على البقاء أحياءً، شريحة كبيرة من الناس يصل عددها الألف نسمة فيها أطفال لا يعرفون القراءة والكتابة ولا شرب الماء النقي.. وجوه مصفرة، أجساد نحيلة، غابت عنها ملامح التمسك بالحياة يشعلون النار قرب "أكواخهم" فالبيوت بنيت من الحجر والطين ويطهون الطعام في العراء على الخشب أو بقايا النفايات التي تحترق مثل الكارتون والورق، عوائل تتنافس من اجل رزقها في سمسرة النفايات من اجل الحصول على أرباح توفر لهم قوتهم اليومي الذي لا يتعدى الرز وبعض علب الماء المعقم -إن كان معقما-!، من يرى منطقة المعامل لابد من أن يخرج باستنتاج أنها لا تصلح للعيش..هكذا وصفها أحد المسؤولين الكبار في تصريح صحفي أثار أهالي المعامل ودفعهم للتظاهر وإغلاق طرق المدينة التي تعد من اكبر مناطق أطراف بغداد، إذ تبلغ مساحتها اثنين وأربعين كيلو متراً، وتضم مناطق الرشاد الأولى والثانية والنصر الأولى والثانية وحي البتول وعمار بن ياسر والسكك والعماري والدوانم والبستان والباوية والحسينية ويسكنها ما يزيد على 850 ألف نسمة، وتتحمل محافظة بغداد ومجلسها مسؤولية خدماتها وشؤونها الإدارية والمالية، سكان هذه المناطق التي يصح أن نسميها منكوبة أصبحوا فريسة سهلة لمشكلات بيئية وصحية في غاية الخطورة.الوصول مجهد إلى منطقة المعامل التي يتضح لك فيها جليا انك تتجول في منطقة منسية وخارج نطاق منطقة التغطية وليس لها صلة بالعالم الخارجي فهي تشكل منطقة معزولة منفردة بكل شي حتى من ناحية الأمن فسكانها يحمون أنفسهم ويخدمون أنفسهم ولا حاجة لهم لحكومة محلية للتدخل فقد سئموا الوعود كما يقولون.منذ اللحظة الأولى لدخولك المنطقة، يتضح لك جليا انك تتجول في مدينة لا يربطها بالقرن الحادي والعشرين غير التسمية فقط! ففي الشارع الرئيسي للمنطقة وجدنا صعوبة كبيرة في سير السيارة لكثرة الحفر والمطبات والتي لا يتجاوز بعد الواحدة عن الأخرى غير عشرة امتار، والغريب ان بعض الحفر بعمق ربع متر تقريبا، وقد تسببت في الكثير من الحوادث المرورية خصوصا في الليل.منخفضات هائلة بمساحات مختلفة، منها ما تكدست بداخلها هياكل سيارات صدئة، او لونتها ألسنة لهب مجهولة، وحديد السكراب، وإطارات متعددة الأشكال والحجوم كأنها ألقيت في محرقة يوما ما، وبقع سود لآثار زيوت محترقة توزعت ذات اليمين وذات الشمال، مقابر أطفال، تلال من الأتربة والنفايات والمزابل، ومستنقعات تباينت ألوانها، فهي ما بين الازرق او الاسود. مناطق تحتاج عند زياراتها من دون مبالغة إلى ارتداء كمامات طبية فالنفايات تحرق بعد أن يأخذ منها الأهم والمهم تجار ينتظرون السيارات الصغيرة "الستوتة" لتقسيم البضاعة القناني الفارغة توزع على معامل إعادة "الفافون" والعلب الكارتونية أيضاً على معامل صنع "طبقات البيض الأسمر" والكثير الكثير من الموا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram