ابتهال بليبل أشعر بخيبة كبيرة كلما سمعت عن مواقف بعض الرجال مع النساء، أو شاهدت رجلاً يثني على امرأة بطريقة يشوبها - الذل الذكوري- بغض النظر عما إذا كانت هذه المرأة تستحق الثناء أم لا.. إنني ضد هذه المواقف...ما دامت لم تغير من قواعد معاقرة الرجل تجربة البحث عن حقيقة المرأة شيئاً... وما دامت عنده مجرد لحظات بحث لا تمس الواقع.. هكذا هو الرجل، دائماً ما يطمح إلى التهام ملعقة الشبع الأخيرة في صحن التخمة النسوية ..
أحيانا أتساءل لماذا تقبل المرأة معاملة الرجل لها بتلك النظرة، ترى هل لا تمتلك سوى الصمت المكسور؟!.. لكنها على ما يبدو نتيجة محتومة لبشاعة الأشياء من حولها، ومخاوفها المحكومة بنظرة المجتمع.. معرفة شخصية المرأة ووضعها الإنساني ليس تخميناً ولا تصوراً ولا حتى مقياساً، بمعنى أدق، من الخطأ الفادح أن يعتقد الرجل بوجهة ذاته لمعرفة حقيقة المرأة من خلال حقيقة النساء من حولها، فمديح الرجل لامرأة لا يعرف شيئا عنها سوى مظهرها.. أمر مخيف، لأنه يعني، قد وصلت الأشياء الجميلة بداخله إلى هشاشتها، وبات ظل انتصاراته في عالم النساء يطارده ويتربص به، بعيداً عن يقين الحقائق التي تخلى عنها بإرادته. وكالعادة لا شيء يتحقق سوى إساءة تفكيره الانطوائي لحكاية المرأة الحقيقية، ورفضه بصورة خاصة قتل الشخصيات اللامنتهية من النساء المخزونة في ذاته، أنه يحاول مراراً حرمان نفسه من حق التمييز والاستثناء بين النساء، ولا يسمح باكتشاف الحقائق... المرأة الحقيقية بطبعها تتحاشى أقنعة الرجال المتقنة برسم الابتسامة.. وأحلى الأوقات التي تقضيها، حين لا تلتقي بشخص يسألها عن أسرارها.. لدي رغبات مكبوتة لإيقاف كل هذا... واستطيع أن أدين الرجل في مثل هذه المواقف، لأنني أرى فيها أرصفة وعرة ومنزلقة يميل إليها دائما، رغم قناعته بأن لديه إمكانات مدهشة ينبع منها العنف النفسي، أني ملتزمة اليوم أمام واقع الرجل في تذكيره بحاجته إلى أن يبدل نظرته السطحية عن المرأة، وأن يكون جزءاً من الحقيقية من الصدق والعدالة. لقد أعتدنا نموذج الرجل الشرقي وهو ينظر إلى المرأة – لأنها امرأة – على حساب الصدق الداخلي ذاك الصدق الذي يحتفظ به الرجل في زاوية سرية نائية، متناسياً أن الحياة عبارة عن زاوية أسرارها تدريجية مستمرة، وكل لحظة منها بالضرورة تعني تراثاً أخلاقيا وإنسانيا.
عثرات أنثى :الرجل وصحن
نشر في: 14 ديسمبر, 2011: 06:47 م