حسين عبد الرازق يدلي الناخبون اليوم وغدا في محافظات الجيزة والإسماعيلية والشرقية والمنوفية والسويس والبحيرة وبني سويف وسوهاج وأسوان (5.18 مليون ناخب) بأصواتهم في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس الشعب، بعد أن انتهت انتخابات المرحلة الأولى في 9 محافظات من بينها القاهرة والإسكندرية وبورسعيد.
وتكشف نتائج انتخابات المرحلة الأولى عن عدد من الدلالات المهمة التي ستؤثر بالضرورة في انتخابات المرحلتين الثانية والثالثة، ولفت نظري في هذه الدلالات ثلاث حقائق مهمة.فرغم الارتفاع غير المسبوق في نسب التصويت في المرحلة الأولى حيث أدلى (52% أو 62% كما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات ثم جرى تصحيح النسبة إلى 52%) من المقيدين في جداول الانتخابات بأصواتهم وهي نسبة تتجاوز خمسة أضعاف التصويت الحقيقي في كل الانتخابات التي شهدتها مصر في ظل دستور 1971 ، التي لم تصل إلى 10%، فإن التصويت في الإعادة انخفض إلى حوالي 20%، ويمكن إرجاع هذا الانخفاض إلى أن الإعادة تقتصر على المقاعد الفردية، بينما كانت الانتخابات تجرى على القوائم والمقاعد الفردية، إضافة إلى أن المتنافسين على المقاعد الفردية قبل الإعادة كانوا بالعشرات وتجاوزوا 100 متنافس في كثير من الدوائر بينما اقتصر التنافس في الإعادة على اثنين أو أربعة على الأكثر.وهناك سبب آخر هو أن المنافسة في الإعادة كانت غالبا داخل تيار الإسلام السياسي أي بين حزب الحرية والعدالة وحزب النور، وبالتالي لم يجد أنصار التيار الليبرالي أو القومي أو اليساري ما يدفعهم للذهاب إلى التصويت، ويؤكد هذا الاستنتاج أن الدوائر التي شهدت الإعادة بين مرشح من تيار الإسلام السياسي ومرشح من خارجه حظيت بإقبال واضح على التصويت كما حدث في بورسعيد حيث تنافس البدري فرغلي أمين عام حزب التجمع في بورسعيد مع مرشح من السلفيين فارتفعت نسبة من أدلوا بأصواتهم إلى 49%.وتشير نتائج الانتخابات إلى عدم فوز أي امرأة أو قبطي في المقاعد الفردية، فالنساء والأقباط الذين حققوا الفوز كانوا في القوائم الحزبية، وهو ما يؤكد صحة موقف الأحزاب والقوى السياسية التي طالبت مجتمعة بأن تكون انتخابات مجلسي الشعب والشورى بالقائمة النسبية المغلقة مع حرية تكوين القوائم «حزبية أو من غير المنتمين لأحزاب أو مختلطة بين أكثر من حزب أو من حزب أو أكثر ومستقلين.. إلخ» وإلغاء الدوائر الفردية.وبالنسبة للمرأة فالتجربة تؤكد أهمية وجود نسبة للنساء في البرلمان لابد من تحقيقها عند إعلان النتيجة تطبيقا للقاعدة الفقهية الخاصة بالتميز الإيجابي للفئات الضعيفة في المجتمع، وهناك 81 دولة تأخذ بنظام تخصيص نسبة من المقاعد للمرأة في البرلمان (14 دولة طبقا لنص في الدستور - 32 دولة طبقا لنص في القانون - 61 دولة تلتزم فيها الأحزاب بترشيح نسبة 50% من النساء على قوائمها).واقترح حزب التجمع في مشروع قانوني مباشرة الحقوق السياسية والانتخابات نصا يقول «.. ونسبة كل من الجنسين لا تقل عن 30% لكل منهما».ثبتت صحة موقف الذين عارضوا منذ البداية تطبيق قانون الغدر أو إصدار قانون للعزل السياسي يتم بموجبه عزل قيادات الحزب الوطني «المنحل» ونوابه وحرمانهم من حقوقهم السياسية لخمس أو عشر سنوات، وراهنوا على عزلهم عبر صندوق الانتخابات ثقة في الشعب المصري وثوار 25 يناير، فقد أثبتت نتائج المرحلة الأولى للانتخابات صحة هذا الرهان، فأسقط الناخبون فلول الحزب الوطني الذين خاضوا الانتخابات على المقاعد الفردية، كما أسقطوا قوائمهم بعد تأليفهم أكثر من حزب جديد، وإذا كان هناك من استطاع الفوز بعد أن تخفى ضمن قوائم بعض الأحزاب الليبرالية فعددهم قليل للغاية ولا يشكل ظاهرة.
الانتخابات.. والرهان على الشعب
نشر في: 14 ديسمبر, 2011: 07:21 م