TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق : لست أدري

سلاما ياعراق : لست أدري

نشر في: 16 ديسمبر, 2011: 07:05 م

 هاشم العقابيمن  طبائع الإنسان أنه يبحث عن المعرفة. وهذا البحث قد يكون غريزة مثل غريزتَي حب الاستطلاع والفضول وما شابههما. وقد يكون، أيضا، واحدا من أهم ما يميز الإنسان عن الحيوان باعتباره وظيفة عقلية، ولأن الأول يمتلك عقلا والثاني لا يمتلكه. لكن هناك أمورا قد يصعب على الإنسان معرفتها فتجده حين تسأله عنها يقول لك لا أدري، أو أن العلم عند الله. وبسبب هذه الـ "لا أدري" كتب الشاعر اللبناني إيليا ابو ماضي قصيدته الفلسفية الشهيرة "لست أدري" التي غنى المطرب عبد الحليم حافظ مقاطع منها. ما زال بيت فيها لم يبارحني أبدا:
وطريقي، ما طريقي؟ أطويل أم قصير؟  هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغور؟  أأنا السّائر في الدّرب أم الدّرب يسير ..  أم كلاّنا واقف والدّهر يجري؟  لست أدري! هذه القصيدة أحدثت وقت صدورها ردود فعل كبيرة وصلت حد اتهام صاحبها بالإلحاد. وقد تصدى لها شعراء كثيرون بين مؤيد ومعارض. ومن المفارقات أن بين المعارضين كان الشاعر الشعبي الساخر حسين قسام النجفي الذي جاء في واحد من أبيات قصيدته:والعجوز من اسألتها  شلون من جنتي بنية؟وين راح الحسن منج وهسه عمرج صار مية؟جاوبتني بقدرة الله بالك تقلد عليّهعشت آنه من قدرته وانحنه من الكبر ظهريآنه أدري وغيري يدري!لا أعلق بغير ما يقوله أهل العمارة في كلامهم: "عمي هاي وين وذيج وين؟".حمدت الله أن الذي غنى قصيدة أبي ماض هو عبد الحليم حافظ وليس مطربا عراقيا. ومن يحتجّ ادعُه لسماع أغنية فيروز "سألوني الناس عنك يا حبيبي" ويقارنها بأغنية سعدي الحلي "تناشدني عليك الناس" لعله يوافقني الرأي.والأمور التي يصعب على الإنسان معرفتها أو إدراكها، قد تكون كبيرة مثل المسائل الغيبية ومنها البحث عن الذات الإلهية، التي بسببها ظهرت الفلسفة "اللاأدرية". وقد تكون بسيطة عند البعض لكنها عصية على الفهم عند البعض الآخر كمسألة الانسحاب الأميركي من العراق. وأنا اعترف، فإني بصراحة لست  أدري لماذا أتى الأميركان للعراق ولماذا انسحبوا منه أيضا. اللهم إلا شيئا واحدا أعلمه علم اليقين هو أنهم لولاهم لم سقط صدام وتخلصنا منه. لكن الذي لا أدريه حقا ترك ركاما من الأسئلة التي  لا أعرف جوابها. ومنها هل:- هم الآن نادمون أم فرحون؟- يشعرون بأنهم خاسرون أم منتصرون؟- أن خسارة نحو 4500 قتيل و 30 ألف جريح و 800 مليار دور، كانت "تسوه"؟- سيعيدون الكرّة ويذهبون بجيوشهم لتحرير شعب آخر من طاغية آخر وهم يعلمون أن ذلك الشعب سيشتمهم ويحتقرهم ويدعو ربه أن يهلكهم بعد أن أنقذوه؟وسؤال أخير أوجهه للأميركان مباشرة لست أدري جوابه من بين ما لا أدريه:- هل سمعتم قبل مجيئكم إلينا بهوسة عراقية تقول: "كبلك بحسين شسوينه؟".ملاحظة: من قال لست أدري فقد أفتى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram