 عباس الغالبي تضطلع الكثير من المنظمات والهيئات الدولية التي تعنى بالشفافية بدور مهم في ترسيخ وترصين معايير لقياس وتقييم موضوعة الشفافية والإقطاع في مختلف المستويات والصعد. وتأتي المبادرة الدولية للشفافية في الصناعات الاستخراجية كإعلان عالمي لقياس وتقييم شفافية الدول التي انضمت الى هذه المبادرة والتي أخذت مدياتها بالاتساع والاهتمام والمنافسة على تجسيد المعايير والركائز التي وضعتها هذه المبادرة الدولية
في ديباجتها الرئيسية وجاء العراق معلنا قبوله الانضمام لهذه المبادرة حيث يستعد خلال الاسابيع القليلة المقبلة لاصدار تقريره الاول عن عائدات صناعاته الاستخراجية لاسيما النفط والغاز ، وهي الخطوة الاولى التي يقدم عليها العراق انسجاما واتساقاً مع نهجه الديمقراطي الجديد بعد سقوط النظام السابق عام 2003 ولكن ما يعنينا في هذا الاتجاه كمراقبين الدور الذي يفترض ان تضطلع به منظمات المجتمع المدني في مراقبة وتقييم التقارير الدولية التي سيصدرها العراق بضوء التزاماته مع اصول وحيثيات المبادرة الدولية العليا للشفافية، ولان منظمات المجتمع المدني على حداثة تجربتها في العراق تشكل ملمحا رئيسيا من ملامح الرأي العام في جميع الاتجاهات فإن دورها في مبادرة الشفافية يشكل ركيزة اساسية للمراقبة اولا والتقييم ثانيا وتشكيل لوبي ضاغط على المؤسسة التنفيذية ثالثا وتبيان الفرق الحاصل في تعاطي كل من القطاعين العام المتمثل بالجهات الحكومية العراقية والقطاع الخاص المتمثل بالشركات المستثمرة قي قطاع النفط والغاز مع منظومة شفافية المعلومات الصادرة لكليهما رابعا، والخروج بخلاصة توصيات ونتائج وحلول ناجعة خامسا.وهي مهمة ليست باليسيرة (وان كانت تمثل صلب عمل منظمات المجتمع المدني وروحها): إلا ان حداثة التجربة مثلما نوهنا وعدم قدرة الكوادر العاملة في هذه المنظمات على التعاطي الامثل، وتشتت آرائها ورؤاها والضغوطات التي تتعرض لها هذه الكوادر من الجهات التمويلية كلها قد تجعل من دور هذه المنظمات التأثيري بسيطا ولا يشكل الصورة المثلى لها. وهنا تكمن اهمية التدريب والتأهيل والاطلاع على تجارب الآخرين في هذا الاتجاه والرغبة الملحة لكوادر ومنظمات المجتمع في تجسيد هذه التجربة على اكمل وجه . وهنا لا بد لنا من الإشارة الى دور المنظمات الدولية الساندة والمرادفة لمنظمات المجتمع المدني في موضوعة الصناعات الاستخراجية لا سيما (معهد رصد العائدات) في اشاعة ثقافة الشفافية اولاً، وتأهيل وتدريب كوادر المنظمات على ضوء برنامج علمي يتساوق مع الفترات الزمنية لتجارب الدول الداخلة في فضاء المبادرة الدولية للشفافية في الصناعات الاستخراجية على شكل ورش عمل او دورات او ندوات او إصدارات او ارشادات توضيحية، وهي مهمة جديرة بالاهتمام والمتابعة والإشادة والتحفيز عن الاستمرار بها سعيا لتجسيد وترصين وتعزيز ثقافة الشفافية والإفصاح في مفصل قطاع غاية  في الاهمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لكثير من بلدان العالم ومنها العراق الذي يتطلع الى الافادة القصوى من ثرواته النفطية والغازية بشكل معلن وشفاف بعيدا عن دهاليز السياسة والغرف المظلمة وحالات الفساد المالي والاداري .