متابعة/ نورا خالد - محمود النمر..... تصوير/ ادهم يوسف ]احتفى (بيت المدى) ضمن نشاطه الأسبوعي بالشاعر عبد الزهرة زكي بمناسبة صدور مجموعته الجديدة (شريط صامت)، وتم خلال الحفل توقيع الكتاب لمجموعة من الأدباء والمثقفين الذين حضروا، وأدار الجلسة الناقد علي حسن الفواز الذي تحدث عن تجربة الشاعر عبر أربعة عقود، وقال:
لقد كان ضمن المشهد الشعري العراقي منذ نهاية السبعينيات والى يومنا هذا، وقد يكون الشاعر مؤسسا لهذا الوعي وان الشاعر يحرض على القراءة، وان الشاعر هو جزء من حيوية التحولات التي تمس جوهر المعطى الشعري، كلكم يعرف أن تاريخ الشعر العراقي هو تاريخ تحولات، وتاريخ أسئلة، وتاريخ مواجهة، إن كانت مواجهة شغلية، أو مواجهة إيديولوجية، أو مواجهة فنية، الشاعر العراقي منذ نهاية الخمسينيات، أو منذ نهاية الاربعينيات بمعنى أدق، قد ورث مركبا من الوعي السياسي والوعي الثقافي، والوعي الاجتماعي، وفي الريادة الغنية التي أسسها، هو أيضا كان يحمل هما ثوريا، هما إنسانيا، وهما جماليا، مثلما هو البياتي ونازك وبلند وسعدي وغيرهم في الأجيال التي وضعت الأساس لتحول شعري في مرحلة أخرى من مرحلة الستينيات، حينما بدأت التوغلات الفنية وبدأت التثاقفات الفنية تمد جسد القصيدة، بوصفه جسدا حيا، بوصفه جسدا يتعاطى مع أسئلة الإنسان الذي يواجه مأزق وجوده، مأزق الوجود الأخلاقي القيمي الإنساني المعرفي، فكان الشاعر العراقي شاهدا حيا على تحولات ظاهرة وتحولات باطنة، وتحولات تمس صيرورات هذا الوجود، وأيضا تحولات عميقة ببنائه القصيدة، بوصفها اللغة في لحظة تحول، القصيدة هي بنية لغوية، لكنها بنية لغوية متحولة، وبنية لغوية مزاحة، وعملية الإزاحة والتحول، لا يمكن أن تصنعها إلا إرادات شعرية قادرة على أن تؤسس لنفسها مكانا وحضورا وأداءً وتقنية وأسلوبا تصبح جديرة بها، بالشكل الذي يعطي هذه القصيدة حضورا فاعلا وأظن كلكم يعرف أن الشعراء العراقيين، قد أسسوا لتجربتهم وأسسوا لتحولاتهم، حضورا مهما في الذاكرة الشعرية العربية، فكانت الأسماء الشعرية العراقية رائدة في هذا المجال. عبد الزهرة زكي واحد من الذين صنعوا الذاكرة، فهو منذ نهاية السبعينيات، كان جزءاً من مشروع التحول الثالث، هذا التحول الذي حاول أن يزاوج بين الواقع والرؤية الجمالية، بين اللغة بوصفها نسقا وما بين الإزاحات الفنية داخل هذه اللغة بوصفها مجموعة تحولات تؤدي شكلا معرفيا وتؤدي شكلا سليما، كانت كتاباته الشعرية الأولى ترهف بهذا المعطى الفني الذي جعله شاعرا يشار إليه بالبنان، عبد الزهرة زكي لم يكن شاعرا عموميا بقدر ما كان شاعرا له تجربته الخاصة، وبمعنى أدق هذه القصيدة، القصيدة التي يملكها عبد الزهرة هي قصيدة مؤداة، قصيدة نجد فيها الهمّ اليومي، مثلما نجد فيها الجدة في التعاطي مع اللغة بوصفها شعرا، في هذا اليوم مجموعة شعرية تضاف إلى عبد الزهرة زكي وهو لديه مجاميع شعرية أخرى:اليد تكتشف/ بغداد عام 1993، كتابات اليوم كتابات الساحر عام 1999، الصادرة من رام الله/ كتاب الفردوس عام 2000/ طغراء النور والماء 2009. واليوم يطل علينا بمجموعة جديدة بعنوان (شريك صامت) عام 2011.عبد الزهرة زكي: الموت وحده بلاغةبعدها تحدث الشاعر عبد الزهرة زكي عن مجموعته بالقول: ظروف العنف التي عاشها العراق منذ 2003، وآمل أن ننتهي منها، كانت ظروفا استثنائية ليس في تاريخ العراق وحسب، وإنما في التاريخ الإنساني بشكل عام، أن يكون امتهان الحياة الإنسانية وامتهان كرامة الإنسان بهذا الشكل المجاني والمرعب والمدمر لكل ما هو أخلاقي ولكل ما له صلة بالكرامة الإنسانية والوجود الإنساني، وكانت حيرة الشعر وحيرة الفنون الأخرى في مواجهة مثل هذا الظرف، حيرة استثنائية هي الأخرى، ذلك لأن الشعر والفنون عادة ما تتطلب شيئا من التروي والتأمل وامتصاص صدمة الحدث الأولى، لكن الصدمة مستمرة منذ 2003 والقتل مستمر وتوقع الحياة هو الاستثناء فيما الموت هو القاعدة وكان انفعال الشعر والفنون والآداب بشكل عام في ظرف مثل هذا الظرف متباينا أيضاً. وأضاف: قرأت الكثير مما كتبه الشعراء والأدباء في مختلف الاتجاهات، كان تلقيهم مختلفا في هذه الحالة ومواجهة الموت، النصوص التي كتبتها تحت عنوان (شريط صامت) هي نصوص أنجزت بين عامي (2007 – 2010) وكانت هي الأكثر سخونة في العنف عام (2006 و 2007) وانتقل العنف من مستوى إلى مستوى آخر خلال هذين العامين لذلك اكتفيت بهذه النصوص التي في مجملها ترصد حالات الموت بمختلف أشكالها ودوافعها ومن دون تعليق عليها لان الموت وحده يكفي لذلك، الموت وحده نقدمه كمشهد هو أكثر بلاغة من أي بلاغة شعرية. وقرأ الشاعر بعدها عدداً من النصوص كان منها: (رائحة الحب) يا أم..انتظريني، ومضى..ترك الباب مفتوحاً..وترك خلف الباب رائحة الحب.كان سعيداً،قميصه مفتوحاًوشفتاه، صامتتين، تغنيان.وقلبه في عينيه يطير.سمعت أمه الرصاص.......ومنذ أربعين،لم يزل الباب مفتوحاً.. ولم تزل الرائحة خلف الباب تنتظر زعيم نصار: قصائده تستفز الحياء في نفوسنا من شدة الخجلالشاعر عبد الزهرة زكي في كتابه (شريط صامت) يحمل السلوان للمقهورين في عصرنا، الذي أدار ظهره للمثل العليا والجمال وخضع للطمع والجشع والاستبداد
المدى تحتفي بديوان (شريطٌ صامت):عبد الزهرة زكي: توقع الحياة والاستثناء والموت القاعدة
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 16 ديسمبر, 2011: 11:06 م